ما روى في غيبة الامام المنتظر الثاني عشر عليه السلام

 

[وذكر مولانا أمير المؤمنين والائمة عليهم السلام بعده وانذارهم بها].

1 - حدثنا محمد بن همام قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك قال: حدثنا

___________________________________

(1) نظيره من طرق العامة ما رواه مسلم عن النبى صلى الله عليه وآله قال: " لا يزال هذا الامر في قريش ما بقى من الناس اثنان " وذلك لانه كما يحتاج الناس إلى الحجة من حيث الاجتماع لامر له مدخل في نظامهم ومعاشهم كذلك يحتاجون اليه من حيث الانفراد لامرله مدخل في معرفة مبدئهم ومعادهم وعباداتهم وانما؟ تم بحجية أحدهما ووجوب اطاعة الاخر له.

(المرآة) أقول: والظاهر أن المراد من امثال هذه الاحاديث أنه لابد للناس من امام ولو كانا اثنين.

(*)

[141]

إسحاق بن سنان، قال: حدثنا عبيد بن خارجة، عن علي بن عثمان، عن فرات بن أحنف، عن أبي عبدالله جعفر بن محمد، عن آبائه(عليه السلام)، قال: " زاد الفرات على عهد أمير المؤمنين(عليه السلام) فركب هو وابناه الحسن والحسين(عليهم السلام) فمر بثقيف، فقالوا قد جاء على يرد الماء، فقال علي(عليه السلام): أما والله لا قتلن أنا وابناي هذان وليبعثن الله رجلا من ولدي في آخر الزمان يطالب بدمائنا، وليغيبن عنهم، تمييزا لاهل الضلالة حتى يقول الجاهل: ما لله في آل محمد من حاجة ".

2 - أخبرنا محمد بن همام ; ومحمد بن الحسن بن محمد بن جمهور جميعا، عن الحسن بن محمد ابن جمهور، قال: حدثنا أبي، عن بعض رجاله، عن المفضل بن عمر قال: قال أبوعبدالله(عليه السلام): " خبر تدريه خير من عشر ترويه، إن لكل حق حقيقة، ولكل صواب نورا، ثم قال: إنا والله لا نعد الرجل من شيعتنا فقيها حتى يلحن له(1) فيعرف اللحن، إن أميرالمؤمنين(عليه السلام) قال على منبر الكوفة: " إن من ورائكم فتنا مظلمة عمياء منكسفة لا ينجو منها إلا النومة(2)، قيل: يا أميرالمؤمنين وما النومة؟ قال: الذى يعرف الناس ولا يعرفونه.

واعلموا أن الارض لا تخلو من حجة لله عزوجل ولكن الله سيعمى خلقه عنها بظلمهم وجورهم(3) وإسرافهم على أنفسهم ولو خلت الارض ساعة واحدة من حجة لله لساخت بأهلها ولكن الحجة يعرف الناس ولا يعرفونه

___________________________________

(1) أى يتكلم معه بالرمز والايماء والتعريض على جهة التقية والمصلحة فيفهم المراد قال الجزري: يقال لحنت لفلان اذا قلت له قولا يفهمه ويخفى على غيره، لانك تميله بالتورية عن الواضح المفهوم، منه قالوا: لحن الرجل فهو لحن اذا فهم وفطن لما لا يفطن له غيره.

(2) في النهاية في مادة " نوم " وفى حديث على عليه السلام: انه ذكر آخر الزمان و الفتن - ثم قال: " خير اهل ذلك الزمان كل مؤمن نومة " - بوزن الهمزة - الخامل - الذكر الذى لا يؤبه له، وقيل: الغامض في الناس الذى لا يعرف الشر وأهله، وقيل: النومة - بالتحريك -: الكثير النوم واما الخامل الذى لا يؤبه له فهو بالتسكين، ومن الاول حديث ابن عباس انه قال لعلي: ما النومة؟ قال: الذى يسكت في الفتنة فلا يبدو منه شئ ".

(3) في بعض النسخ " وجهلهم ".

(*)

[142]

كما كان يوسف يعرف الناس وهم له منكرون، ثم تلا: " يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزؤن "(1).

3 - أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد ابن عقدة الكوفي، قال: حدثنا أحمد بن محمد الدينوري، قال: حدثنا علي بن الحسن الكوفى، عن عميرة بنت أوس قالت: حدثني جدي الحصين بن عبدالرحمن(2)، عن أبيه، عن جده عمرو بن سعد، عن أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام) أنه قال يوما لحذيفة بن اليمان: " يا حذيفة لاتحدث الناس بما لا يعلمون فيطغوا ويكفروا، إن من العلم صعبا شديدا محمله لو حملته الجبال عجزت عن حمله، إن علمنا أهل البيت سينكر ويبطل وتقتل رواته ويساء(3) إلى من يتلوه بغيا وحسدا لما فضل الله به عترة الوصي وصي النبي(صلى الله عليه وآله).

يا ابن اليمان إن النبى(صلى الله عليه وآله) تفل في فمي وأمر يده على صدري وقال: " اللهم أعط خليفتي ووصيي، وقاضى دينى، ومنجز وعدي وأمانتي، ووليي(4) وناصري على عدوك وعدوي، ومفرج الكرب عن وجهي ماأعطيت آدم من العلم، وما أعطيت نوحا من الحلم وإبراهيم من العترة الطيبة والسماحة، وما أعطيت أيوب من الصبر عند البلاء، وما أعطيت داود من الشدة عند منازلة الاقران، و ما أعطيت سليمان من الفهم، اللهم لا تخف عن علي شيئا من الدنيا حتى تجعلها كلهابين عينيه مثل المائدة الصغيرة بين يديه، اللهم أعطه جلادة موسى، واجعل في نسله شبيه عيسى(عليه السلام)، اللهم إنك خليفتي عليه وعلى عترته وذر يته [الطيبة]

___________________________________

(1) سوره يس: 30.

(2) كذا، وفى بعض النسخ " عن غمرة بنت أوس قالت: حدثنى جدى الحصين، عن عبدالرحمن، عن أبيه - الخ " ولم أعرفها غمرة كانت أو عميرة والظاهر أن جدها حصين ابن عبدالرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ الاشهلى المعنون في التقريب والتهذيب.

(3) بصيغة المجهول، وفى بعض النسخ " ويوشى " من وشى يشى به إلى الملك أى نم عليه وسعى به.

(4) في بعض النسخ " منجز وعدى وابا بنى وولى حوضى ".

(*)

[143]

المطهرة التى أذهبت عنها الرجس [والنجس] وصرفت عنها ملامسة الشياطين اللهم إن بغت قريش عليه، وقدمت غيره عليه فأجعله بمنزلة هارون من موسى إذ غاب [عنه موسى]، ثم قال لي: يا علي كم في ولدك [من ولد] فاضل يقتل و الناس قيام ينظرون لا يغيرون ! فقبحت امة ترى أولاد نبيها يقتلون ظلما وهم لا يغيرون(1) إن القاتل والآمر والشاهد الذي لا يغير كلهم في الاثم واللعان سواء مشتركون ".

يا ابن اليمان إن قريشا لا تنشرح صدورها ولا ترضى قلوبها ولا تجرى ألسنتها ببيعة علي وموالاته إلا على الكره [والعمى] والصغار، يا ابن اليمان ستبايع قريش عليا ثم تنكث عليه وتحاربه وتناضله وترميه بالعظائم، وبعد علي يلي الحسن وسينكث عليه، ثم يلي الحسين فتقتله امة جده، فلعنت أمة تقتل ابن بنت نبيها ولا تعز من امة، ولعن القائد لها والمرتب لفاسقها، فو الذي نفس علي بيده لا تزال هذه الامة بعد قتل الحسين ابني في ضلال وظلم وعسف وجور و اختلاف في الدين، وتغيير وتبديل لما أنزل الله في كتابه، وإظهار البدع، وإبطال السنن، واختلال وقياس مشتبهات(2) وترك محكمات حتى تنسلخ من الاسلام و تدخل في العمى والتلدد والتكسع(3)، مالك يا بني امية ! لاهديت يا بنى امية، ومالك يا بنى العباس ! لك الاتعاس، فما في بني امية إلا ظالم، ولا في بني العباس إلا معتد متمرد على الله بالمعاصى، قتال لولدي، هتاك لستر [ي و] حرمتي، فلا تزال هذه الامة جبارين يتكالبون على حرام الدنيا، منغمسين في بحار الهلكات، و في أودية الدماء، حتى إذا غاب المتغيب من ولدي عن عيون الناس، وماج الناس بفقده أو بقتله أو بموته، أطلعت الفتنة، ونزلت البلية، والتحمت العصبية(4)، و

___________________________________

(1) في بعض النسخ " لاينصرون ".

(2) في بعض النسخ " واحتيال وقياس مشتبه ".

(3) التلدد: التحير.والتكسع: الضلالة، وفى نسخة " التسكع " بمعنى عدم الاهتداء وهو أنسب.

(4) قوله " ماج الناس " أى اختلفوا فبعض يقول: فقد، وبعض يقول: قتل، وبعض يقول: مات.

وقوله " التحمت " اى تلاء‌مت بعد كونها متفرقة، والتحمت الحرب: اشتبكت والثانى أنسب.

 

[144]

غلا الناس في دينهم، وأجمعوا على أن الحجة ذاهبة، والامامة باطلة، ويحج حجيج الناس في تلك السنة من شيعة على ونواصبه(1) للتحسس والتجسس عن خلف الخلف(2)، فلا يرى له أثر، ولا يعرف له خبر ولا خلف، فعند ذلك سبت شيعة على، سبها أعداؤها، وظهرت عليها(3) الاشرار والفساق باحتجاجها حتى إذا بقيت الامة حيارى، وتدلهت(4) وأكثرت في قولها إن الحجة هالكة والامامة باطلة، فورب علي إن حجتها عليها قائمة ما شية في طرقها(5)، داخلة في دورها وقصورها جوالة في شرق هذه الارض وغربها، تسمع الكلام، وتسلم على الجماعة، ترى ولا ترى إلى الوقت والوعد، ونداء المنادي من السماء ألا ذلك يوم [فيه] سرور ولد علي وشيعته ".

وفي هذا الحديث عجائب وشواهد على حقية ما تعتقده الامامية وتدين به والحمد لله، فمن ذلك قول أميرالمؤمنين صلوات الله عليه " حتى إذا غاب المتغيب من ولدي عن عيون الناس " أليس " هذا موجبا لهذه الغيبة(6) وشاهدا على صحة قول من يعترف بهذا ويدين بإمامة صاحبها؟ ثم قوله(عليه السلام): " وماج الناس بفقده أو بقتله أو بموته...وأجمعوا على أن الحجة ذاهبة والامامة باطلة " أليس هذا موافقا لما عليه كافة الناس الآن من تكذيب [قول] الامامية في وجود صاحب الغيبة؟ وهي محققة في وجوده وإن لم تره، وقوله(عليه السلام) " ويحج حجيج الناس في تلك السنة

___________________________________

(1) في بعض النسخ " وتواصيهم التجسس والتحسس " من الوصية، والتحسس بمعنى التجسس.

(2) في بعض النسخ " عن خلف الخلفاء ".

(3) في بعض النسخ " سبت الشيعة سبها أعداء‌ها ".

وقوله " ظهرت " أى غلبت.

(4) أى تحيرت ودهشت وقوله: " وأكثرت في قولها " أى قالته كثيرا.

(5) في بعض النسخ " طرقاتها ".

(6) كذا، ويمكن أن يكون تصحيفا وصوابه " اليس هذا موميا إلى هذه الغيبة ".

(*)

[145]

للتجسس " وقد فعلوا ذلك ولم يروا له أثرا، وقوله: فعند ذلك سبت شيعة علي سبها أعداؤها، وظهرت عليها الاشرار والفساق باحتجاجها " يعنى باحتجاجها عليها في الظاهر، وقولها: فأين إمامكم؟ دلونا عليه، وسبهم لهم، ونسبتهم إياهم إلى النقص والعجز والجهل لقولهم بالمفقود العين، وإحالتهم على الغائب الشخص و هو السب، فهم في الظاهر عند أهل الغفلة والعمى محجوجون(1) وهذا القول من أمير المؤمنين(عليه السلام) في هذا الموضع شاهد لهم(2) بالصدق، وعلى مخالفيهم بالجهل والعناد للحق، ثم حلفه(عليه السلام) مع ذلك بربه عزوجل بقوله: " فو رب علي إن حجتها عليها قائمة ماشية في طرقها، داخلة في دورها وقصورها، جوالة في شرق هذه الارض وغربها، تسمع الكلام وتسلم على الجماعة وترى ولا ترى " أليس ذلك مزيلا للشك في أمره(عليه السلام)؟ وموجبا لوجوده ولصحة ما ثبت في الحديث الذي هو قبل هذا الحديث من قوله: " إن الارض لا تخلو من حجة لله ولكن الله سيعمي خلقه عنها بظلمهم وجورهم وإسرافهم على أنفسهم " ثم ضرب لهم المثل في يوسف(عليه السلام).

إن الامام(عليه السلام) موجود العين والشخص إلا أنه في وقته هذا يرى ولا يرى كما قال أميرالمؤمنين(عليه السلام)، إلى يوم الوقت والوعد ونداء المنادي من السماء.

اللهم لك الحمد والشكر على نعمك التى لا تحصى، وعلى أياديك التي لا تجازى، ونسألك الثبات على ما منحتنا من الهدى برحمتك.

4 - أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا أحمد بن محمد الدينوري، قال: حدثنا علي بن الحسن الكوفي(3) قال: حدثتنا عميرة بنت أوس(4)، قالت: حدثني

___________________________________

(1) المحجوج هو المغلوب في الاحتجاج.

(2) في بعض النسخ " وهذا القول يدل على أن امير المؤمنين عليه السلام شاهد لهم ".

(3) الظاهر هو ابن فضال التيملى المعروف.

(4) في بعض النسخ " غمرة بنت أوس " ولم أجدها بكلا العنوانين، وفى البحار " عمرة " ولم أجدها أيضا.

(*)

[146]

جدي الحصين بن عبدالرحمن، عن عبدالله بن ضمرة(1)، عن كعب الاحبار(2) أنه قال: " إذا كان يوم القيامة حشر الخلق على أربعة أصناف: صنف ركبان، وصنف على أقدامهم يمشون، وصنف مكبون، وصنف على وجوههم صم بكم عمي فهم لا يعقلون ولا يكلمون ولا يؤذن لهم فيعتذرون، أولئك الذين تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون، فقيل له: يا كعب من هؤلاء الذين يحشرون على وجوههم وهذه الحال حالهم؟ فقال كعب: أولئك كانوا على الضلال والارتداد والنكث، فبئس ما قدمت لهم أنفسهم إذا لقوا الله بحرب خليفتهم ووصى نبيهم وعالمهم وسيدهم وفاضلهم، وحامل اللواء وولى الحوض والمرتجى والرجا دون هذا العالم، وهوالعلم الذي لا يجهل(3) والمحجة التي من زال عنها عطب(4) وفي النار هوى، ذاك علي ورب كعب أعلمهم علما، وأقدمهم سلما(5)، وأوفرهم حلما، عجب كعب ممن قدم على على غيره.

ومن نسل على القائم(6) المهدي الذي يبدل الارض غير الارض، وبه يحتج عيسى بن مريم(عليه السلام) على نصارى الروم والصين، إن القائم المهدي من نسل علي أشبه الناس بعيسى بن مريم خلقا وخلقا وسمتا(7) وهيبة، يعطيه الله جل

___________________________________

(1) عبدالله بن ضمرة السلولى ثقة، وثقه العجلى على ما في التقريب.

(2) كعب الاحبار هو كعب بن ماتع الحميرى يكنى أبا اسحاق ثقة(التقريب).

(3) في بعض النسخ " والمرتجى دون العالمين وهو العالم الذى لا يجهل ".

(4) المحجة - بفتح الميم والحاء المهملة ثم الجيم -: جادة الطرايق، والعطب: الهلاك.وفى البحار " الحجة التى ".

(5) أقدمهم سلما أى أقدمهم اسلاما، ولا ريب أنه عليه السلام أول من أسلم من الرجال عند جميع المؤرخين والمحدثين غير أن بعض المخالفين استشكل بأنه حينذاك لم يبلغ الحلم وايمانه ليس بمثابة ايمان الرجال.وهو قول من تجاهل، أو من له غرض سياسى، أو سفيه.

(6) في بعض النسخ والبحار " ومن يشك في القائم " وكأنه مصحف.

(7) السمت - بفتح السين المهملة وسكون الميم -: هيئة أهل الخير والصلاح، و في بعض النسخ " وسيماء ".

(*)

[147]

وعز ما أعطى الانبياء ويزيده ويفضله، إن القائم من ولد علي(عليه السلام) له غيبة كغيبة يوسف، ورجعة كرجعة عيسى بن مريم، ثم يظهر بعد غيبته مع طلوع النجم الاحمر، وخراب الزوراء، وهى الري، وخسف المزورة وهى بغداد، وخروج السفياني، وحرب ولد العباس مع فتيان أرمينية وآذربيجان، تلك حرب يقتل فيها الوف والوف، كل يقبض على سيف محلى، تخفق عليه رايات سود، تلك حرب يشوبها الموت الاحمر والطاعون الاغبر(1) ".

5 - وبه(2) عن الحصين بن عبدالرحمن، عن أبيه عن جده عمرو بن سعد(3) قال: قال أمير المؤمنين(عليه السلام): " لا تقوم القيامة حتى تفقأ عين الدنيا، وتظهر الحمرة في السماء، وتلك دموع حملة العرش على أهل الارض حتى يظهر فيهم عصابة لاخلاق لهم يدعون لولدي وهم برآء من ولدي، تلك عصابة رديئة لاخلاق لهم، على الاشرار مسلطة، وللجبابرة مفتنة، وللملوك مبيرة(4)، تظهر في سواد الكوفة، يقدمهم رجل أسود اللون والقلب، رث الدين، لاخلاق له(5) مهجن زنيم عتل، تداولته

___________________________________

(1) في بعض النسخ والبحار " تلك حرب يستبشر فيها الموت الاحمر والطاعون الاكبر ".

(2) يعنى بالسند المتقدم ذكره.

(3) تقدم أنه عمرو بن سعد بن معاذ الاشهلى.

وحيث أن نسخة العلامة المجلسى مصحفة وفيها عمر بن سعد ظن شارحه رحمه الله أنه عمر بن سعد بن أبى وقاص وقال بعد نقله: " انما أوردت هذا الخبر مع كونه مصحفا مغلوطا، وكون سنده منتهيا إلى شر خلق الله عمر بن سعد لعنه الله لاشتماله على الاخبار بالقائم عليه السلام ليعلم تواطؤ المخالف والمؤالف عليه صلوات الله عليه ".

مع أن عمر بن سعد في ذلك الوقت طفل صغير لم يبلغ عشرا ولا يكون قابلا لهذا الخطاب، وقد يعبر عنه امير المؤمنين(ع) في خبر في زمان خلافته بالجرو.

(4) المبيرة: المهلكة من ابار يبير، والبوار الهلاك.

(5) متاع رث - بشد المثلثة - اى خلق بال، يعنى ساقط الدين، ولا خلاق له اى لا نصيب له، والمهجن: غير الاصيل في النسب، والزنيم: اللئيم.والعتل - بشد اللام - الجافى الغليظ.

(*)

[148]

أيدي العواهر من الامهات(1) " من شر نسل " لاسقاها الله المطر "(2) " في سنة إظهار غيبة المتغيب من ولدي صاحب الراية الحمراء، والعلم الاخضر أي يوم للمخيبين(3) بين الانبار وهيت، ذلك يوم فيه صيلم الاكراد والشراة(4)، وخراب دار الفراعنة ومسكن الجبابرة، ومأوى الولاة الظلمة، وأم البلاد وأخت العاد(5)، تلك ورب علي يا عمر وبن سعد بغداد، ألا لعنة الله على العصاة من بني أمية وبني العباس الخونة الذين يقتلون الطيبين من ولدي ولا يراقبون فيهم ذمتي، ولا يخافون الله فيما يفعلونه بحرمتي، إن لبنى العباس يوما كيوم الطموح(6) ولهم فيه صرخة كصرخة الحبلى، الويل لشيعة ولد العباس من الحرب التى سنح(7) بين نهاوند والدينور، تلك حرب صعاليك شيعة علي يقدمهم رجل من همدان اسمه [على] اسم النبي(صلى الله عليه وآله).

منعوت موصوف باعتدال الخلق، وحسن الخلق، ونضارة اللون، له في صوته ضجاج، وفي أشفاره وطف، وفي عنقه سطع، [أ] فرق الشعر، مفلج الثنايا(8)، على فرسه كبدر تمام إذا تجلى عند الظلام(9) يسير بعصابة خير عصابة آوت وتقربت ودانت لله بدين تلك الابطال من العرب الذين لحقون(10) حرب الكريهة، والدبرة(11)

___________________________________

(1) العواهر جمع عاهر وهى الفاجرة الزانية.

(2) هذه الجملة دعاء عليهم.

(3) وفى البحار وبعض النسخ " للمخبتين " وقد يقرء " للمجيبين ".

(4) الصيلم - بفتح الصاد المهملة واللام -: الداهية.

والشراة جمع الشارى و المراد الخوارج الذين زعموا انهم يشرون انفسهم ابتغاء مرضات الله.

(5) في بعض النسخ " ام البلاء واخت العار ".

(6) اى يوم شديد تشخص فيه الابصار، والعرب ربما يعبر عن الشدة باليوم.

(7) في بعض النسخ " يفتح من نهاوند ".وفى بعضها " منح " وفى بعضها " تنتح ".

(8) " في صوته ضجاج " أى فزع، و " في أشفاره وطف " أى طول شعر واسترخاء، وفى " عنقه سطع " اى طول، والاسطع الطويل العنق.ومفلج الثنايا اى بين أسنانه تباعد.

(9) في بعض النسخ " اذا انجلى عنه الغمام ".

(10) في بعض النسخ " يلقحون ".

(11) أى الهزيمة، وفى بعض النسخ " والديرة " وفى بعضها " والدائرة ".

(*)

[149]

يومئذ على الاعداء، إن للعدو يوم ذاك الصليم والاستئصال ".

وفى هذين الحديثين من ذكر الغيبة وصاحبها ما فيه كفاية وشفاء للطالب المرتاد(1)، وحجة على أهل [الجحد و] العناد، وفى الحديث الثاني إشارة إلى ذكر عصابة لم تكن تعرف فيما تقدم، وإنما يبعث في سنة ستين ومائتين ونحوها وهي كما قال أمير المؤمنين(عليه السلام) سنة إظهار غيبة المتغيب وهي كما وصفها ونعتها ونعت الظاهر برايتها، وإذا تأمل اللبيب الذي له قلب - كما قال الله تعالى: " أو ألقى السمع وهو شهيد " - هذا التلويح(2) اكتفى به عن التصريح، نسأل الله الرحيم توفيقا للصواب برحمته.

6 - أخبرنا سلامة بن محمد قال: حدثنا علي بن داود، قال: حدثنا أحمد بن - الحسن، عن عمران بن الحجاج، عن عبدالرحمن بن أبى نجران، عن محمد بن أبي - عمير، عن محمد بن إسحاق، عن اسيد بن ثعلبة، عن ام هانئ، قالت: " قلت لابي - جعفر محمد بن على الباقر(عليهما السلام): ما معنى قول الله عزوجل: " فلا اقسم بالخنس "(3)؟ فقال: يا ام هانئ إمام يخنس نفسه حتى ينقطع عن الناس علمه، سنة ستين و مائتين(4) ثم يبدو كالشهاب الواقد في الليلة الظلماء، فإن أدركت ذلك الزمان -(5) قرت عينك ".

___________________________________

(1) المرتاد من رود، وفى اللغة ارتاد الشئ ارتيادا طلبه فهو مرتاد.

(2) التلويح: الاشارة من بعيد مطلقا بأى شئ كان، ومنه سميت الكناية الكثيرة الوسائط تلويحا.

(3) الخنس جمع خانس من خنس اذا تأخر، وهى الكواكب كلها فانها تغيب بالنهار وتظهر بالليل، وفسر في الخبر بامام يخنس أى يتأخر عن الناس ويغيب، والجمع باعتبار شموله لسائر الاوصياء أو للتعظيم، أو يكون ذكرها لتشبيه الامام بها في الغيبة والظهور، و المراد الكواكب.وقول الامام عليه السلام تشبيه لاتفسير كما في سائر الآيات المأولة.

(4) هى سنة وفاة أبى محمد العسكرى عليه السلام.

(5) اى زمان ظهوره واستيلائه.

(*)

[150]

وأخبرنا محمد بن يعقوب، عن على بن محمد، عن جعفر بن محمد، عن موسى بن جعفر البغدادي، عن وهب بن شاذان، عن الحسن بن أبي الربيع الهمداني، قال: حدثنا محمد بن إسحاق، عن اسيد بن ثعلبة، عن ام هانئ مثله إلا أنه قال: " يظهر كالشهاب يتوقد في الليلة الظلماء فإن أدركت زمانه قرت عينك ".

7 - محمد بن يعقوب، عن عدة من رجاله، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن - الحسن، عن عمر بن يزيد، عن الحسن بن أبى الربيع الهمداني، قال: حدثنا محمد ابن إسحاق، عن اسيد بن ثعلبة، عن ام هانئ قالت: " لقيت أبا جعفر محمد بن علي الباقر(عليهما السلام) فسألته عن هذه الآية " فلا اقسم بالخنس الجوار الكنس " فقال: الخنس إمام يخنس نفسه في زمانه عند انقطاع من علمه عند الناس(1) سنة ستين ومائتين، ثم يبدو كالشهاب الواقد في ظلمهالليل، فإذا أدركت ذلك قرت عينك ".

8 - محمد بن همام قال: حدثنا أحمد بن ما بنداذ(2) قال: حدثنا محمد بن مالك(3)، قال: حدثنا محمد بن سنان، عن الكاهلي(4) عن أبي عبدالله(عليه السلام) أنه قال: " تواصلوا وتباروا وتراحموا، فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة ليأتين عليكم وقت لا يجد أحدكم لديناره ودرهمه موضعا - يعني لا يجد عند ظهور القائم(عليه السلام) موضعا يصرفه فيه لاستغناء الناس جميعا بفضل الله وفضل وليه(5) - فقلت: وأنى يكون ذلك؟

___________________________________

(1) اى لا يعلم المخالفون أو أكثر الناس وجوده، ويحتمل أن تكون " من " تبعيضية.

(2) كذا وفى بعض النسخ " محمد بن ما بندار ".

(3) كأنه أبوجعفر بن محمد بن مالك.وفى بعض النسخ " أحمد بن هلال " مكان محمد ابن مالك.

(4) يعنى عبدالله بن يحيى الكاهلى كما صرح به في الكافى في كتاب الايمان والكفر باب التراحم والتعاطف.

(5) من قوله " يعنى " إلى هنا من كلام المؤلف.وفضل الله معلوم، والمراد بفضل وليه تقسيمه بيت المال على وجه لا يكون لاحد من الفقراء والمستحقين فقر في ما احتاجوا في أمر المعيشة اليه، وكل واحد منهم واجد لضرورياته الحياتية واستغنى عن الناس.

ذكر الكراجكى في كنز الفوائد: أن أبا حنيفة أكل طعاما مع أبي عبدالله عليه السلام فلما رفع الامام يده من الطعام قال: الحمد لله رب العالمين اللهم هذا منك ومن رسولك صلى الله ليه وآله فقال أبوحنيفة: أجعلت مع الله شريكا؟ فقال له: ويلك فان الله تعالى يقول في كتابه " وما نقموا الا أن أغناهم الله ورسوله من فضله " ويقول في موضع آخر " ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤ تينا الله من فضله ورسوله " فقال أبوحنيفة: والله لكأنى ما قرأتهما قط من كتاب الله ولا سمعتهما الا في هذا الوقت.

انتهى، ثم اعلم أنه يحتمل ان يكون معنى كلام الامام(ع) وصف زمان الغيبة لا الظهور، بمعنى أن الصدق والوفاء والامانة رفعت من بين الناس ولا يوجد مؤتمن يصدق في قوله بفقر غيره ولا فقير لا يكذب بفقره.

[151]

فقال: عند فقد كم إمامكم فلا تزالون كذلك حتى يطلع عليكم كماتطلع الشمس آيس ما تكونون، فإياكم والشك والارتياب، وانفوا عن أنفسكم الشكوك و قد حذرتكم(1) فاحذروا، أسأل الله توفيقكم وإرشادكم ".

فلينظر الناظر إلى هذا النهى عن الشك في صحة غيبة الغائب(عليه السلام)، وفي صحة ظهوره، وإلى قوله بعقب النهي عن الشك فيه " وقد حذرتكم(2) فاحذروا " يعني من الشك، نعوذ بالله من الشك والارتياب، ومن سلوك جادة الطريق الموردة إلى الهلكة، ونسأله الثبات على الهدى وسلوك الطريقة المثلى التى توصلنا إلى كرامته مع المصطفين من خيرته بمنه وقدرته.

9 - أخبرنا عبدالواحد بن عبدالله بن يونس قال: حدثنا أحمد بن محمد بن رباح الزهري، عن أحمد بن على الحميري، عن الحسن بن أيوب، عن عبدالكريم بن عمرو الخثعمي، عن محمد بن عصام، قال: حدثني المفضل بن عمر قال: " كنت عند أبي عبدالله(عليه السلام) في مجلسه ومعي غيري، فقال لنا: إياكم والتنويه - يعني باسم القائم(عليه السلام (3) وكنت أراه يريد غيري، فقال لي: يا أبا عبدالله إياكم والتنويه، والله ليغيبن سبتا من

___________________________________

(1) و(2) في البحار وبعض النسخ " وقد حذرتم " بصيغة المجهول.

(3) التنويه: الرفع والتشهير ولعل المعنى أعم مما فهمه الراوى أو المؤلف والمراد تنويه امر الامام الثانى عشر(ع) وذكر غيبته وخصوصيات أمره عند المخالفين لئلا يصير سببا لاصرارهم على ظلم اهل البيت وقتلهم واهلاك شيعتهم.

أو المعنى لا تدعوا الناس إلى دينكم.

(*)

[152]

الدهر، وليخملن(1) حتى يقال: مات، أو هلك؟ بأي واد سلك؟ ولتفيضن عليه أعين المؤمنين وليكفأن كتكفئ السفينة في أمواج البحر(2) حتى لا ينجو إلا من أخذ الله ميثاقه، وكتب الايمان في قلبه، وأيده بروح منه، ولترفعن اثنتا عشرة راية مشتبهة لا يعرف أي من أي(3) قال المفضل، فبكيت، فقال لي: ما يبكيك؟ قلت: جعلت فداك كيف لا أبكى وأنت تقول: ترفع اثنتا عشرة راية مشتبهة لا يعرف أي من أي، قال: فنظر إلى كوة في البيت(4) التى تطلع فيها الشمس في مجلسه فقال: أهذه الشمس مضيئة، قلت: نعم، فقال: والله لامرنا أضوء منها ".

10 - محمد بن همام قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك ; وعبدالله بن جعفر - الحميري جميعا قالا: حدثنا محمد بن الحسين بن أبى الخطاب ; ومحمد بن عيسى ; و عبدالله بن عامر القصباني جميعا، عن عبدالرحمن بن أبى نجران، عن محمد بن مساور، عن المفضل بن عمر الجعفي قال: سمعت الشيخ - يعني أبا عبدالله -(عليه السلام) يقول: " إياكم والتنويه، أما والله ليغيبن سبتا من دهركم، وليخملن حتى يقال: مات، هلك، بأي وادسلك؟ ولتدمعن عليه عيون المؤمنين، وليكفأن تكفأ السفينة في أمواج البحر فلا ينجو إلا من أخذ الله ميثاقه، وكتب في قلبه الايمان، وأيده

___________________________________

(1) سبتا أى زمانا، وقوله " ليخملن " من قولهم خمل ذكره أى خفى، وفى بعض الروايات " ليغيبن سنينا من دهركم وليمحصن " وما في الكتاب أظهر وأنسب.والتمحيص الامتحان.

(2) " ليكفأن " على بناء المجهول من قولهم كفأت الاناء اذا كببته وقلبته وذلك كناية عن التزلزل في الدين لشدة الفتن والحوادث المضلة المزلقة.

(3) أى لا يدرى الحق من الباطل ولا يمتاز بينهما لان كل واحدة منها تدعى الحق، و لعل المراد ما رواه المفيد(ره) في ارشاده عن أبى خديجة سالم بن مكرم عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " لا يخرج القائم حتى يخرج اثنا عشر من بنى هاشم كلهم يدعوا إلى نفسه ".

(4) الكوة - بضم الكاف وفتحها وشد الواو المفتوحة، وبدون التاء ثلاثة أوجه - بمعنى الخرق في الحائط.

(*)

[153]

بروح منه، ولتر فعن اثنتا عشرة راية مشتبهة لايدرى أي من أي، قال: فبكيت ثم قلت له: كيف نصنع؟ فقال: يا أبا عبدالله - ثم نظر إلى شمس داخلة في الصفة - أترى هذه الشمس؟ فقلت: نعم، فقال: لامرنا أبين من هذه الشمس ".

محمد بن يعقوب الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عبدالكريم، عن عبدالرحمن بن أبي نجران، عن محمد بن مساور، عن المفضل بن عمر - وذكر مثله - إلا أنه قال في حديثه " وليغيبن سنين من دهركم ".

أما ترون - زاد كم الله هدي - هذا النهى عن التنويه باسم الغائب(عليه السلام) و ذكره بقوله(عليه السلام): " إياكم والتنويه " وإلى قوله " ليغيبن سبتا من دهركم و ليخملن حتى يقال: مات، هلك، بأي وادسلك ولتفيضن عليه أعين المؤمنين وليكفأن كتكفئ السفينة في أمواج البحر " يريد(عليه السلام) بذلك ما يعرض للشيعة في أمواج الفتن المضلة المهولة وما يتشعب من المذاهب الباطلة المتحيرة المتلددة وما يرفع من الرايات المشتبهة يعنى للمدعين للامامة من آل أبى طالب والخارجين منهم طلبا للرئاسة في كل زمان فإنه لم يقل مشتبهة إلا ممن كان من هذه الشجرة ممن يدعي ما ليس له من الامامة ويشتبه على الناس أمره بنسبه، ويظن ضعفاء الشيعة وغيرهم أنهم على حق إذا كانوا من أهل بيت الحق والصدق، وليس كذلك لان الله عزوجل قصر هذا الامر - الذي تتلف نفوس ممن ليس له ولا هو من أهله ممن عصى الله في طلبه من أهل البيت، ونفوس من يتبعهم على الظن والغرور - على صاحب الحق ومعدن الصدق الذي جعله الله له، لا يشركه فيه أحد وليس لخلق من العالم ادعاؤه دونه، فثبت الله المؤمنين مع وقوع الفتن وتشعب المذاهب وتكفئ القلوب واختلاف الاقوال وتشثت الآراء ونكوب الناكبين عن الصراط المستقيم على نظام الامامة وحقيقة الامر وضيائه غير مغترين بلمع السراب والبروق الخوالب ولا مائلين مع الظنون الكواذب حتى يلحق الله منهم من يلحق بصاحبه(عليه السلام) غير مبدل ولا مغير، ويتوفي من قضى نحبه منهم قبل ذلك غيرشاك ولا مرتاب ويوفي كلا

[154]

منهم منزلته ويحله مرتبته في عاجله وآجله، والله جل اسمه نسأل الثبات ونستزيده علما فإنه أجود المعطين وأكرم المسؤولين

(فصل).

11 - حدثنا محمد بن يعقوب الكليني - رحمه الله - عن علي بن محمد، عن الحسن ابن عيسى بن محمد بن علي بن جعفر، عن أبيه، عن جده، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر(عليهما السلام) أنه قال: " إذا فقد الخامس من ولد السابع(1) فالله الله في أديانكم لا يزيلنكم عنها، فإنه لابد لصاحب هذا الامر من غيبة حتى يرجع عن هذا الامر من كان يقول به، إنما هي محنة من الله يمتحن الله بها خلقه ولو علم آباؤكم وأجدادكم دينا أصح من هذا الدين لاتبعوه، قال: قلت: يا سيدي من الخامس من ولد السابع؟ فقال: يا بني عقولكم تصغر عن هذا، وأحلامكم تضيق عن حمله و لكن إن تعيشوا فسوف تدر كونه ".

12 - أخبرنا أبوسليمان أحمد بن هوذة الباهلي قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي سنة ثلاث وسبعين ومائتين قال: حدثنا عبدالله بن حماد الانصاري سنة تسع وعشرين ومائتين، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: قال لي: " يا أبا - الجارود إذا دار الفلك وقالوا: مات أو هلك، وبأي واد سلك، وقال الطالب له: أنى يكون ذلك وقد بليت عظامه فعند ذلك فارتجوه، وإذا سمعتم به فأتوه ولو حبوا على الثلج ".

13 - أخبرنا محمد بن همام - رحمه الله - قال: حدثنا حميد بن زياد، عن الحسن ابن محمد بن سماعة، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن زائدة بن قدامة، عن بعض رجاله عن أبي عبداله(عليه السلام) قال: " إن القائم إذا قام يقول الناس: أني ذلك؟ وقد بليت عظامه ".

___________________________________

(1) يعنى الخلف الخامس من ولد الامام السابع(ع).

(*)

[155]

14 - حدثنا عبدالواحد بن عبدالله بن يونس قال: حدثنا أحمد بن محمد بن رباح الزهري، عن أحمد بن علي الحميري، عن الحسن بن أيوب، عن عبدالكريم ابن عمرو، عن محمد بن الفضيل عن حماد بن عبدالكريم الجلاب قال: " ذكر القائم عند أبي عبدالله(عليه السلام) فقال: أما إنه لو قد قام لقال الناس: أنى يكون هذا، وقد بليت عظامه مذ كذا وكذا ".

15 - حدثنا علي بن أحمد البندنيجي قال: حدثنا عبيد الله بن موسى العلوي العباسي، عن موسى بن سلام، عن أحمد بن محمد بن أبى نصر، عن عبدالرحمن، عن الخشاب(1)، عن أبي عبدالله(عليه السلام) عن آبائه(عليه السلام) قال: " قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): مثل أهل بيتى مثل نجوم السماء كلما غاب نجم طلع نجم حتى إذا نجم منها طلع فرمقتموه بالاعين وأشرتم إليه بالاصابع أتاه ملك الموت فذهب به(2)، ثم لبثتم في ذلك سبتا من دهركم، واستوت بنو عبدالمطلب ولم يدر أي من أي، فعند ذلك يبدو نجمكم فاحمدوا الله واقبلوه ".

16 - وأخبرنا محمد بن همام قال: حدثني جعفر بن محمد بن مالك ; وعبدالله بن جعفر الحميري قالا: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ; ومحمد بن عيسى ; و عبدالله بن عامر القصباني جميعا، عن عبدالرحمن بن أبى نجران، عن الخشاب ; عن معروف بن خربوذ، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: " سمعته يقول: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): إنما مثل أهل بيتي في هذه الامة كمثل نجوم السماء كلما غاب نجم طلع نجم حتى إذامددتم إليه حواجبكم وأشرتم إليه بالاصابع أتاه ملك الموت فذهب به، ثم بقيتم

___________________________________

(1) يعنى بعبدالرحمن عبدالرحمن بن أبى نجران، وبالخشاب الحجاج الخشاب كما نص عليهما في كمال الدين.

(2) المراد بطلوع نجم بعد غيبوبة آخر ظهور امام بعد وفاة الاخر فاذا ظهر أتاه ملك الموت، والمراد بقوله " ثم لبثتم في ذلك " عدم ظهور ولادة القائم(ع) للعامة حتى تحيروا ولم يعرفوا شخص الامام، وطلع نجم يعنى ظهر القائم بعد الحيرة والغيبة.ويدل على ذلك ما يأتي(كذا في هامش المطبوع).

(*)

[156]

سبتا من دهركم لا تدرون أيا من أي، فاستوى في ذلك بنو عبدالمطلب، فبينما أنتم كذلك إذ أطلع الله [عليكم] نجمكم فاحمدوه واقبلوه ".

17 - حدثنا محمد بن يعقوب الكليني قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن حنان بن سدير، عن معروف بن خربوذ، عن أبي جعفر(عليه السلام) أنه قال: " إنما نحن كنجوم السماء كلما غاب نجم طلع نجم حتى إذا أشرتم بأصابعكم وملتم بحواجبكم(1) غيب الله عنكم نجمكم، فاستوت بنو عبدالمطلب فلم يعرف أي من أي(2)، فإذا طلع نجمكم فاحمدوا ربكم ".

18 - حدثنا علي بن الحسين قال: حدثنا محمد بن يحيى(3)، قال: حدثنا محمد ابن حسان الرازي، عن محمد بن علي الكوفي قال: حدثنا عيسى بن عبدالله بن محمد ابن عمر بن علي بن أبى طالب، عن أبيه، عن جده، عن أبيه أمير المؤمنين(عليه السلام) أنه قال: " صاحب هذا الامر من ولدي هو الذي يقال: مات، أو هلك؟ لا، بل في أي وادسلك ".

19 - وبه عن محمد بن علي الكوفي قال: حدثنا يونس بن يعقوب، عن المفضل ابن عمر قال: " قلت لابي عبدالله(عليه السلام): ماعلامة القائم؟ قال: إذا استدار الفلك، فقيل:

___________________________________

(1) قوله " أشرتم بأصابعكم " كناية عن ترك التقية بتشهير امامته عند المخالفين، و " ملتم بحواجبكم " في الكافى " ملتم بأعناقكم " وهو أيضا كناية عن ظهوره أو توقع ذلك.

(2) " فاستوت بنو عبدالمطلب " أى الذين ظهروا منهم " فلم يعرف أى من أى " أى لم يتميز أحد منهم عن سائرهم كتميز الامام عن غيره لان جميعهم مشتركون في عدم استحقاق الامامة.وقوله " فاذا طلع نجمكم " أى ظهر قائمكم عليه السلام.

(3) على بن الحسين الظاهر كونه الصدوق لا صاحب المروج، ومحمد بن يحيى هو محمد بن يحيى العطار القمى المشهور، ومحمد بن حسان الرازى هو أبوجعفر الزينبى أو الزينى، ومحمد بن على الكوفى هو أبوسمينة الصيرفى المعنون في الرجال وهو يروى كتاب عيسى بن عبدالله بن محمد الهاشمى وهو يروى عن أبيه عبدالله بن محمد عن جد أبيه عمر بن على، عن أمير المؤمنين عليه السلام.

(*)

[157]

مات أو هلك؟ في أى واد سلك؟ قلت: جعلت فداك ثم يكون ماذا؟ قال: لا يظهر إلا بالسيف ".

20 - حدثنا محمد بن همام قال: حدثنا حميد بن زياد الكوفي، قال: حدثنا الحسن بن محمد بن سماعة، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن زائدة بن قدامة، عن عبدالكريم قال: " ذكر عند أبي عبدالله(عليه السلام) القائم، فقال: أنى يكون ذلك ولم يستدر الفلك حتى يقال: مات أو هلك، في أي واد سلك، فقلت: وما استدارة الفلك؟ فقال: اختلاف الشيعة بينهم".

وهذه الاحاديث دالة على ما قد آلت إليه أحوال الطوائف المنتسبة إلى التشيع ممن خالف الشرذمة المستقيمة على إمامة الخلف بن الحسن بن على(عليه السلام) لان الجمهور منهم من يقول في الخلف: أين هو؟ وأنى يكون هذا؟ وإلى متى يغيب؟ وكم يعيش هذا؟ وله الآن نيف وثمانون سنة، فمنهم من يذهب إلى أنه ميت؟ ومنهم من ينكر ولادته ويجحد وجوده بواحدة(1) ويستهزء بالمصدق به، ومنهم من يستبعد المدة ويستطيل الامد ولايري أن الله في قدرته ونافذ سلطانه وماضي أمره وتدبيره قادر على أن يمد لوليه في العمر كأفضل ما مده ويمده لاحد من أهل عصره وغير أهل عصره، ويظهر بعد مضي هذه المدة وأكثر منها، فقد رأينا كثيرا من أهل زماننا ممن عمر مائة سنة وزيادة عليها وهو تام القوة، مجتمع العقل فكيف ينكر لحجة الله أن يعمره أكثر من ذلك، وأن يجعل ذلك من أكبر آياته التي أفرده بها من بين أهله لانه حجته الكبرى التى يظهر دينه على كل الاديان، و يغسل بها الارجاس والادران(2).

كأنه لم يقرأ في هذا القرآن قصة موسى في ولادته وما جرى على النساء والصبيان بسببه من القتل والذبح حتى هلك في ذلك الخلق الكثير تحرزا من واقع قضاء الله ونافذ أمره، حتى كونه الله عزوجل على رغم

___________________________________

(1) بواحدة يعنى ينكر أصل وجوده رأسا.

(2) الارجاس جمع رجس وهو بمعنى القذر، والعمل القبيح.

وفى بعض النسخ " الانجاس " وهو جمع نجس، والادران جمع درن وهو الوسخ.

(*)

[158]

أعدائه وجعل الطالب له المفني لامثاله من الاطفال بالقتل والذبح بسببه هو الكافل له والمربي، وكان من قصته في نشوئه وبلوغه وهربه في ذلك الزمان الطويل ما قد نبأ ناالله في كتابه، حتى حضر الوقت الذي أذن الله عزوجل في ظهوره، فظهرت سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنته تبديلا، فاعتبروا يا أولى الابصار و اثبتوا أيها الشيعة الاخيار على ما دلكم الله عليه وأرشدكم إليه، واشكروه على ما أنعم به عليكم وأفردكم بالحظوة فيه فإنه أهل الحمد والشكر.

(فصل)

1 - أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا القاسم بن محمد بن الحسن بن حازم، قال: حدثنا عبيس بن هشام الناشري، عن عبدالله بن جبلة، عن فضيل [الصائغ]، عن محمد بن مسلم الثقفي، عن أبي عبدالله(عليه السلام) أنه قال: " إذا فقد الناس الامام مكثوا سنينا لايدرون أيا من أي، ثم يظهر الله عزوجل لهم صاحبهم ".

2 - وبه، عن عبدالله بن جبلة، عن علي بن الحارث بن المغيرة، عن أبيه قال: " قلت لابى عبدالله(عليه السلام): يكون فترة لا يعرف المسلمون فيها إمامهم؟ فقال: يقال ذلك، قلت: فكيف نصنع؟ قال: إذا كان ذلك فتمسكوا بالامر الاول حتى يبين لكم الآخر ".

3 - وبه، عن عبدالله بن جبلة، عن محمد بن منصور الصيقل، عن أبيه منصور قال: قال أبوعبدالله(عليه السلام): " إذا أصبحت وأمسيت يوما لا ترى فيه إماما من آل محمد فأحبب من كنت تحب، وأبغض من كنت تبغض(1)، ووال من كنت توالى وانتظر الفرج صباحا ومساء ".

وأخبرنا محمد بن يعقوب الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن الحسن بن على العطار، عن جعفر بن محمد، عن منصور عمن ذكره، عن أبي عبدالله(عليه السلام) مثله(2).

___________________________________

(1) أى كونوا على ما أنتم عليه.

(2) الكافى ج 1 ص 342 مع اختلاف في اللفظ.

(*)

[159]

4 - حدثنا محمد بن همام قال: حدثنا عبدالله بن جعفر الحميري، عن محمد بن عيسى ; والحسن بن ظريف جميعا، عن حماد بن عيسى، عن عبدالله بن سنان قال: " دخلت أنا وأبي على أبى عبدالله(عليه السلام) فقال: كيف أنتم إذا صرتم في حال لا ترون فيها إمام هدي ولا علما يري، فلا ينجو من تلك الحيرة إلا من دعا بدعاء الغريق، فقال أبي: هذا والله البلاء فكيف نصنع جعلت فداك حينئذ؟ قال: إذا كان ذلك - و لن تدركه - فتمسكوا بما في أيديكم حتى يتضح لكم الامر ".

5 - وبه، عن محمد بن عيسى ; والحسن بن ظريف، عن الحارث بن المغيرة النصري، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: " قلت له: إنا نروى بأن صاحب هذا الامر يفقد زمانا فكيف نصنع عند ذلك؟ قال: تمسكوا بالامر الاول الذي أنتم عليه حتى يبين لكم ".

6 - محمد بن همام بإسناده يرفعه إلى أبان بن تغلب، عن أبي عبدالله(عليه السلام) أنه قال: " يأتي على الناس زمان يصيبهم فيها سبطة(1) يأرز العلم فيها كما تأرز الحية في جحرها، فبينما هم كذلك إذ طلع عليهم نجم، قلت: فما السبطة؟ قال: الفترة، قلت: فكيف نصنع فيما بين ذلك؟ فقال: كونوا على ما أنتم عليه حتى يطلع الله لكم نجمكم ".

7 - وبه، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبدالله(عليه السلام) أنه قال: " كيف أنتم إذا وقعت السبطة بين المسجدين(2) فيأرز العلم فيها كما تأرز الحية في جحرها واختلفت الشيعة بينهم وسمى بعضهم بعضا كذابين، ويتفل بعضهم في وجوه بعض، فقلت: ما عند ذلك من خير، قال: الخير كله عند ذلك - يقوله ثلاثا - يريد قرب الفرج ".

حدثنا محمد بن يعقوب الكليني - رحمه الله - عن عدة من رجاله، عن أحمد بن

___________________________________

(1) في القاموس: أسبط: سكت فرقا - أى خوفا - وبالارض: لصق وامتد من الضرب، وفى نومه غمض، وعن الامر تغابي، وانبسط ووقع فلم يقدر أن يتحرك.و تقدم أن يأرز بمعنى ينضم ويجتمع بعضه إلى بعض.

(2) الظاهر كون المراد بالمسجدين مسجد الحرام ومسجد النبى صلى الله عليه وآله أو الكوفة والسهلة والاول أظهر.

(*)

[160]

محمد، عن الحسن بن على الوشاء، عن علي بن الحسن(1)، عن أبان بن تغلب قال: قال أبوعبدالله(عليه السلام): " كيف أنت إذا وقعت البطشة - وذكر مثله بلفظه "(2).

8 - حدثنا أحمد بن هوذة الباهلي أبوسليمان، قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، قال: حدثنا عبدالله بن حماد الانصاري، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبدالله(عليه السلام) أنه قال: " يا أبان يصيب العلم سبطة، يأرز العلم بين المسجدين كما تأرز الحية في جحرها، قلت: فما السبطة؟ قال: دون الفترة، فبينماهم كذلك إذ طلع لهم نجمهم، فقلت: جعلت فداك فكيفنصنع وكيف يكون ما بين ذلك؟ فقال لي:(3) ما أنتم عليه حتى يأتيكم الله بصاحبها ".

هذه الروايات التي قدجاء‌ت متواترة تشهد بصحة الغيبة وباختفاء العلم، و المراد بالعلم الحجة للعالم، وهي مشتملة على أمر الائمة(عليه السلام) للشيعة بأن يكونوا فيها على ماكانوا عليه لا يزولون ولا ينتقلون بل يثبتون ولا يتحولون ويكونون متوقعين لما وعدوا به، وهم معذورون في أن لا يروا حجتهم وإمام زمانهم في أيام الغيبة، و يضيق عليهم في كل عصر وزمان قبله أن لا يعرفوه بعينه واسمه ونسبه، ومحظور عليهم الفحص(4) والكشف عن صاحب الغيبة والمطالبة باسمه أو موضعه أو غيابه أوالاشادة بذكره(5)، فضلا عن المطالبة بمعاينته، وقال لنا: إياكم والتنويه، و كونوا على ما أنتم عليه وإياكم والشك، فأهل الجهل الذين لا علم لهم بما أتى عن الصادقين(عليه السلام) من هذه الروايات الواردة للغيبة وصاحبها يطالبون بالارشاد إلى شخصه والدلالة على موضعه، ويقترحون إظهاره لهم(6)، وينكرون غيبته لانهم بمعزل

___________________________________

(1) هو على بن الحسن الطاطرى الواقفى الموثق.كما في المرآة، وفى بعض النسخ " على بن الحسين ".

(2) البطشة: الاخذ بالعنف، والسطوة.

(3) كذا وفيه سقط، والسقط ظاهرا " كونوا على " بقرينة ما تقدم وما يأتى.

(4) المحظور - بالحاء المهملة والظاء المعجمة -: الممنوع.

(5) أشاد بذكره: رفعه بالثناء عليه.

(6) الاقتراح السؤال بعنف من غير ضرورة أو السؤال بطريق التحكم.

(*)

[161]

عن العلم(1) وأهل المعرفة مسلمون لما أمروا به، ممتثلون له، صابرون على ما ندبوا إلى الصبر عليه، وقد أوقفهم العلم والفقه مواقف الرضا عن الله، والتصديق لاولياء الله، والامتثال لامرهم، والانتهاء عما نهوا عنه، حذرون ما حذر الله في كتابه من مخالفة رسول الله(صلى الله عليه وآله) والائمة الذين هم في وجوب الطاعة بمنزلته لقوله: " فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم(2) " و لقوله: " أطيعو الله وأطيعوا الرسول وأولى الامرمنكم "(3) ولقوله: " وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين "(4).

وفى قوله في الحديث الرابع من هذا الفصل - حديث عبدالله بن سنان - " كيف أنتم إذا صرتم في حال لا ترون فيها إمام هدى ولا علما يرى " دلالة على ما جرى و شهادة بما حدث من أمر السفراء الذين كانوا بين الامام(عليه السلام) وبين الشيعة من ارتفاع أعيانهم وانقطاع نظامهم، لان السفير بين الامام في حال غيبته وبين شيعته هو العلم، فلما تمت المحنة على الخلق ارتفعت الاعلام ولا ترى حتى يظهر صاحب الحق(عليه السلام) ووقعت الحيرة التى ذكرت وآذننا بها أولياء الله.

وصح أمر الغيبة الثانية التى يأتى شرحها وتأويلها فيما يأتى من الاحاديث بعد هذا الفصل، نسأل الله أن يزيدنا بصيرة وهدى، ويوفقنا لما يرضيه برحمته.

(فصل)

- 1 - أخبرنا محمد بن همام، عن بعض رجاله، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه عن رجل، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبدالله(عليه السلام) أنه قال: " أقرب ما يكون هذاه العصابة من الله وأرضى ما يكون عنهم إذا افتقدوا حجة الله، فحجب عنهم ولم يظهر لهم ولم يعلموا بمكانه وهم في ذلك يعلمون ويوقنون أنه لم تبطل حجة الله

___________________________________

(1) بمعزل عنه أى مجانب له، بعيد عنه.

(2) النور: 63.

(3) النساء: 57.

(4) المائدة: 92.

(*)

[162]

ولا ميثاقه، فعندها توقعوا الفرج صباحا ومساء(1) فإن أشد ما يكون غضب الله على أعدائه إذا افتقدوا حجته فلم يظهر لهم، وقد علم الله عزوجل أن أولياء‌ه لا يرتابون، ولو علم أنهم يرتابون ما غيب حجته طرفة عين عنهم، ولا يكون ذلك إلا على رأس شرار الناس "(2).

2 - حدثنا محمد بن يعقوب الكلينى، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه عن محمد بن خالد، عمن حدثه، عن المفضل بن عمر ; قال الكليني: و حدثنا محمد بن يحيى، عن عبدالله بن محمد بن عيسى، عن أبيه، عن بعض رجاله، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبدالله(عليه السلام) أنه قال: " أقرب ما يكون العباد من الله عز وجل وأرضى ما يكون عنهم إذا افتقدوا حجة الله عزوجل ولم يظهر لهم، ولم يعلموا [ب‍] مكانه، وهم في ذلك يعلمون أنه لم تبطل حجة الله جل ذكره ولا ميثاقه، فعندها فتوقعوا الفرج صباحا ومساء، فإن أشد ما يكون غضب الله عزوجل على أعدائه إذا افتقدوا حجة الله فلم يظهر لهم(3)، وقد علم الله أن أولياء‌ه لا يرتابون ولو علم أنهم يرتابون ما غيب حجته [عنهم] طرفة عين، ولا يكون ذلك إلا على رأس شرار الناس ".

___________________________________

(1) " أقرب ما يكون " الظاهر كون " ما " مصدرية و " كان " تامة، و " من " صلة لاقرب، والمعنى أقرب أحوال كونهم من الله وأرضاها عنهم حين افتقدوا حجتهم.ذلك لكون الايمان عليهم أشد والشبه عليهم أكثر وأقوى، والدعوة إلى الباطل أوفر وأبسط، والثبات على مر الحق أصعب وأمنع.لاسيما أذا امتد زمان الغيبة، " فعندها " أى عند حصول ذلك." فتوقعوا الفرج صباحا ومساء " كناية عن جميع الاوقات ليلا ونهارا.

قوله " فان أشد ما يكون غضب الله " في بعض نسخ الحديث " وان " وهو أظهر وما في المتن أيضا بمعنى الواو أو للتعقيب الذكرى، وكون الفاء للتعليل في غاية البعد وان أمكن توجيهه بوجوه.

(2) أى لا يكون ظهور الامام الا اذا فسد الزمان غاية الفساد، ويحتمل أن يكون ذلك اشارة إلى أن الغضب في الغيبة مختص بالشرار تأكيدا لمامر.(المرآة).

(3) في الكافى " اذا افتقدوا حجته ولم يظهر لهم ".

(*)

 

[163]

وهذا ثناء الصادق(عليه السلام) على أوليائه في حال الغيبة بقوله: أرضى ما يكون الله عنهم إذا افتقدوا حجة الله وحجب عنهم وهم مع ذلك يعلمون أنه لم تبطل حجة الله، ووصفه أنهم لا يرتابون ولو علم الله أنهم يرتابون لم يغيب حجته طرفة عين، والحمد لله الذي جعلنا من الموقنين غير المرتابين ولا الشاكين ولا الشاذين عن الجادة البيضاء إلى [البليات و] طرق الضلال المؤدية إلى الردي والعمى، مدا يقضى حقه ويمتري مزيده.

3 - أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا محمد بن المفضل ; وسعدان بن إسحاق بن سعيد ; وأحمد بن الحسين(1) ومحمد بن أحمد بن الحسن القطواني جميعا، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم الجواليقي، عن يزيد الكناسي قال: سمعت أبا جعفر الباقر(عليه السلام) يقول: " إن صاحب هذا الامر فيه شبه من يوسف(2) ابن أمة سوداء، يصلح الله له أمره في ليلة "(3).

4 - حدثنا علي بن أحمد قال: حدثنا عبيد الله بن موسى العلوي، عن أحمد ابن الحسين(4)، عن أحمد بن هلال، عن عبدالرحمن بن أبي نجران، عن فضالة بن أيوب، عن سدير الصيرفي قال: سمعت أبا عبدالله الصادق(عليه السلام) يقول: " إن في صاحب هذا الامر لشبها من يوسف(5)، فقلت: فكأنك تخبرنا بغيبة أو حيرة، فقال: ما ينكر هذا الخلق الملعون اشباه الخنازير من ذلك؟ إن إخوة يوسف كانوا عقلاء الباء اسباطا أولاد انبياء دخلوا عليه فكلموه وخاطبوه وتاجروه وراودوه وكانوا إخوته وهو

___________________________________

(1) يعنى به أبا عبدالله القرشى الاتى ذكره.

(2) في بعض الاحاديث " سنة من يوسف ".

(3) في كمال الدين " ان في القائم سنة من يوسف " وقال العلامة المجلسى قوله: ابن أمة سوداء " يخالف كثيرا من الاخبار التى وردت في صفة امه ظاهرا الا أن يحمل على الام بالواسطة أو المربية(4) يعنى به أحمد بن الحسين بن سعيد بن عثمان أبا عبدالله القرشى.

(5) في بعض النسخ " لسنة من يوسف ".

(*)

[164]

أخوهم لم يعرفوه حتى عرفهم نفسه، وقال لهم: " أنا يوسف " فعرفوه حينئذ فما تنكر هذه الامة المتحيرة أن يكون الله عزوجل يريد في وقت من الاوقات أن يستر حجته عنهم، لقد كان يوسف إليه ملك مصر، وكان بينه وبين أبيه مسيرة ثمانية عشر يوما، فلو أراد أن يعلمه بمكانه لقدر على ذلك، والله لقد سار يعقوب وولده عند البشارة تسعة أيام من بدوهم إلى مصر(1)، فما تنكر هذه الامة أن يكون الله يفعل بحجته ما فعل بيوسف، وأن يكون صاحبكم المظلوم المجحود حقه صاحب هذا الامر يتردد بينهم، ويمشى في أسواقهم، ويطأ فرشهم ولا يعرفونه حتى يأذن الله له أن يعرفهم نفسه كما أذن ليوسف حين قال له إخوته: " ء‌إنك لانت يوسف؟ قال: أنا يوسف ".

حدثنا محمد بن يعقوب قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن محمد بن الحسين، عن ابن أبي نجران، عن فضالة بن أيوب، عن سدير الصيرفي قال: سمعت أبا عبدالله(عليه السلام) يقول - وذكر نحوه أو مثله -.

5 - وحدثنا على بن أحمد، عن عبيدالله بن موسى، عن عبدالله بن جبلة، عن [الحسن بن] علي بن أبي حمزة، عن أبى بصير قال: سمعت أبا جعفر الباقر(عليه السلام) يقول: " في صاحب هذا الامر سنن من أربعة أنبياء سنة من موسى(2) وسنة من عيسى وسنة من يوسف وسنة من محمد صلوات الله عليهم أجمعين، فقلت: ما سنة موسى؟ قال: خائف يترقب قلت: وما سنة عيسى؟ فقال: يقال فيه ما قيل في عيسى، قلت: فما سنة يوسف؟ قال: السجن والغيبة قلت: وما سنة محمد(صلى الله عليه وآله)؟ قال: إذا قام سار بسيرة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) إلا أنه يبين آثار محمد ويضع السيف على عاتقه ثمانية أشهر هرجا هرجا(3) حتى

___________________________________

(1) أى من طريق البادية.

(2) في جل النسخ ههنا وفى جميع المواضع الاتية " شبه " وسيأتى في بيان المؤلف ذيل ح 12 ص 175 " سنة " فالظاهر ان الصواب " سنة " وصحف بشبه.

(3) في بعض النسخ " هرجا مرجا " واصل الهرج والكثرة في الشئ والاتساع أى يقتل الكفار كثيرا.

(*)

[165]

رضى الله، قلت: فكيف يعلم رضا الله؟ قال: يلقى الله في قلبه الرحمة ".

فاعتبروا يا أولي الابصار - الناظرة بنور الهدى والقلوب السليمة من العمى، المشرقة بالايمان والضياء - بهذا القول قول الامامين الباقر والصادق(عليهما السلام) في الغيبة وما في القائم(عليه السلام) من سنن الانبياء(عليهم السلام) من الاستتار والخوف، وأنه ابن أمة سوداء يصلح الله له أمره في ليلة، وتأملوه حسنا فإنه يسقط معه الاباطيل والاضاليل التي ابتدعها المبتدعون الذين لم يذقهم الله حلاوة الايمان والعلم وجعلهم بنجوة منه وبمعزل عنه، وليحمد هذه الطائفة القليلة النزرة(1) الله حق حمده على ما من به عليها من الثبات على نظام الامامة وترك الشذوذ عنها كما شذ الاكثر ممن كان يعتقدها وطار يمينا وشمالا وأمكن الشيطان [ومنه و] من قياده وزمامه، يدخله في كل لون، ويخرجه من آخر حتى يورده كل غي ويصده عن كل رشد، و يكره إليه الايمان ويزين له الضلال، ويجلي في صدره قول كل من قال بعقله، وعمل على قياسه، ويوحش عنده الحق(2) واعتقاد طاعة من فرض الله طاعته كما قال عزوجل في محكم كتابه حكاية لقول إبليس لعنه الله " فبعز تك لاغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين "(3) وقوله أيضا: " ولاضلنهم ولا منينهم(4) "، وقوله: " ولاقعدن لهم صراطك المستقيم(5) " أليس أميرالمؤمنين(عليه السلام) يقول في خطبته: " أنا حبل الله المتين، وأنا الصراط المستقيم، وأنا الحجة لله على خلقه أجمعين بعد رسوله الصادق الامين(صلى الله عليه وآله وسلم) " ثم قال عزوجل حكاية لما ظنه إبليس " ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين "(6).

___________________________________

(1) النزرة بمعنى القليلة التافهة.

(2) يعنى ان الشيطان يوحش عنده الحق ويخوفه منه.

(3) ص: 82 و 83.

(4) النساء: 119.

(5) الاعراف: 16.

أى لاجلسن لهم ترصدا بهم.

(6) سبأ: 20.

(*)

[166]

فاستيقظوا رحمكم الله من سنة الغفلة، وانتبهوا من رقده الهوى(1)، ولا يذهبن عنكم ما يقوله الصادقون(عليهم السلام) صفحا باستماعكم إياه بغير اذن واعية وقلوب مفكرة وألباب معتبرة متدبرة لما قالوا، أحسن الله إرشاد كم وحال بين إبليس لعنه الله و بينكم حتى لا تدخلوا في جملة أهل الاستثناء من الله بقوله عزوجل: " إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين "(2) و [تدخلوا في] أهل الاستثناء من إبليس لعنه الله بقوله: " لاغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين " والحمد لله رب العالمين.

6 - حدثنا محمد بن همام - رحمه الله - قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك، قال: حدثنا عباد بن يعقوب(3)، عن يحيى بن يعلى، عن زرارة قال: سمعت أبا - عبدالله(عليه السلام) يقول: " إن للقائم(عليه السلام) غيبة قبل أن يقوم، فقلت: ولم؟ قال: يخاف - وأو مأ بيده إلى بطنه - ثم قال: يا زرارة وهو المنتظر وهو الذي يشك في ولادته، فمنهم من يقول: مات أبوه بلا خلف، ومنهم من يقول: حمل، ومنهم من يقول: غائب، ومنهم من يقول ولد قبل وفاة أبيه بسنين(4) وهو المنتظر غير أن الله يحب أن يمتحن قلوب الشيعة فعند ذلك يرتاب المبطلون يا زرارة، قال زرارة: قلت: جعلت فداك إن أدركت ذلك الزمان أى شئ أعمل؟ قال: يا زرارة متى أدركت ذلك الزمان فادع بهذا الدعاء: " أللهم عرفني نفسك فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف نبيك، أللهم عرفني رسولك فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك، أللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني " ثم قال: يا زرارة لابد من قتل غلام بالمدينة، قلت: جعلت فداك أو ليس الذى يقتله جيش.

___________________________________

(1) الرقدة - بالفتح -: النومة.

(2) الحجر: 42.

(3) عباد بن يعقوب هو الرواجنى المعنون في الرجال، وله كتاب أخبار المهدى.ويحيى بن يعلى هو الاسلمى المعنون في تهذيب التهذيب.

(4) في بعض النسخ " بسنتين ".

(*)

[167]

السفياني؟ قال: لا ولكن يقتله جيش بنى فلان يخرج حتى يدخل المدينة، ولا يدري الناس في أي شئ دخل، فيأخذ الغلام فيقتله فإذا قتله بغيا وعدوانا وظلما لم يمهلهم الله فعند ذلك يتوقع الفرج ".

قال محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن عبدالله بن موسى، عن عبدالله بن بكير، عن زرارة قال: سمعت أبا عبدالله(عليه السلام) يقول - وذكر مثله -.

وحدثنا محمد بن يعقوب، عن الحسين بن أحمد(1)، عن أحمد بن هلال قال: حدثنا عثمان بن عيسى، عن خالد بن نجيح، عن زرارة بن أعين قال: قال أبوعبدالله(عليه السلام) - وذكر هذا الحديث بعينه والدعاء وقال أحمد بن هلال: سمعت هذا الحديث منذ ست وخمسين سنة(2).

7 - حدثنا محمد بن همام بإسناد له عن عبدالله بن عطاء المكى قال: قلت لابى جعفر(عليه السلام): إن شيعتك بالعراق كثيرة ووالله ما في أهل بيتك مثلك، فكيف لا تخرج؟ فقال: يا عبدالله بن عطاء قد أخذت تفرش اذنيك للنوكى(3) إي والله ما أنا بصاحبكم قلت: فمن صاحبنا؟ فقال: انظروا من غيبت عن الناس ولادته، فذلك صاحبكم، إنه ليس منا أحد يشار إليه بالاصابع ويمضغ بالالسن إلا مات غيظا أو حتف أنفه "(4).

___________________________________

(1) كذا في الكافى والظاهر كونه تصحيف " الحسين بن محمد بن عامر ".

(2) أحمد بن هلال العبرتائى ولد سنة ثمانين ومائة، وتوفى سنة سبع وستين و مائتين، وسماعه هذا الكلام كان قبل ميلاد القائم عليه السلام بخمسين سنة تقريبا.

(3) " أخذت " من أفعال المقاربة أى شرعت، و " تفرش " خبره أى تفتح وتبسط، و " النوكى " جمع أنوك - كحمقى - جمع أحمق وزنا ومعنى، وهو مثل لكل من يقبل الكلام من كل أحد وان كان أحمق.و " اى " لتصديق الكلام السابق الدال على قبح الخروج وعدم الاذن فيه.(المرآة).

(4) يحتمل أن يكون الترديد من الراوى، أو يكون لمحض الاختلاف في العبارة أى ان شئت قل هكذا وان شئت هكذا.

(البحار)(*)

[168]

حدثنا محمد بن يعقوب الكلينى قال: حدثنا الحسين بن محمد، وغيره، عن جعفر بن محمد، عن علي بن العباس بن عامر، عن موسى بن هلال الكندي، عن عبدالله بن عطاء المكى، عن أبى جعفر(عليه السلام) - وذكر مثله -.

8 - حدثنا علي بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى العلوي قال: حدثني محمد ابن أحمد القلانسي بمكة سنة سبع وستين ومائتين قال: حدثنا علي بن الحسن، عن العباس بن عامر، عن موسى بن هلال، عن عبدالله بن عطاء المكى قال: خرجت حاجا من واسط، فدخلت على أبي جعفر محمد بن علي(عليهما السلام) فسألني عن الناس والاسعار، فقلت: تركت الناس مادين أعناقهم إليك لو خرجت لا تبعك الخلق، فقال: يا ابن عطا قد أخذت تفرش أذنيك للنوكى، لا والله ما أنا بصاحبكم ولا يشار إلى رجل منا بالاصابع ويمط إليه بالحواجب(1) إلا مات قتيلا أو حتف أنفه، قلت: وما حتف أنفه؟ قال: يموت بغيظه على فراشه، حتى يبعث الله من لا يؤبه لولادته، قلت: ومن لا يؤبه لولادته؟ فقال: انظر من لا يدري الناس أنه ولد أم لا، فذاك صاحبكم ".

9 - حدثنا محمد بن يعقوب قال: حدثنا عدة من أصحابنا، عن سعد بن عبدالله عن أيوب بن نوح قال: قلت لابى الحسن الرضا(عليه السلام): " إنا نرجو أن تكون صاحب هذا الامر، وأن يسوقه الله إليك عفوا بغير سيف(2)، فقد بويع لك، وقد ضربت الدراهم باسمك، فقال: ما منا أحد اختلفت الكتب إليه واشير إليه بالاصابع(3) وسئل عن المسائل وحملت إليه الاموال إلا اغتيل(4) أو مات على فراشه حتى يبعث الله لهذا الامر غلاما منا خفى المولد والمنشأ، غير خفى في نسبه "(5).

___________________________________

(1) في الصحاح: مطه يمطه أى مده، ومط حاجبيه أى مدهما.

(2) في الصحاح: يقال أعطيته عفو المال يعنى بغير مسألة.

(3) كناية عن الشهرة.

(4) الاغتيال هو الاخذ بغتة، والقتل خديعة.ولعل المراد به الموت بالسلاح، والمراد بالموت على الفراش الموت مسموما، أو الاول أعم من الثانى، والثانى الموت غيظا من غير ظفر على العدو، و " أو " للتقسيم لا للشك.

(5) كذا في بعض النسخ والكافى، وفى بعضها " غير خفى في نفسه ".

(*)

[169]

10 - وحدثنا محمد بن همام قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك، قال: حدثنا عباد بن يعقوب، عن يحيى بن يعلى، عن أبي مريم الانصاري، عن عبدالله بن عطاء قال: " قلت لابى جعفر الباقر(عليه السلام): أخبرني عن القائم(عليه السلام) فقال: والله ما هو أنا ولا الذي تمدون إليه أعناقكم، ولا يعرف ولادته(1)، قلت: بما يسير، قال: بما سار به رسول الله(صلى الله عليه وآله)، هدر ما قبله واستقبل ".

11 - حدثنا محمد بن همام قال: حدثنا عبدالله بن جعفر الحميري، عن محمد بن عيسى، عن صالح بن محمد، عن يمان التمار قال: قال أبوعبدالله(عليه السلام): " إن لصاحب هذا الامر غيبة المتمسك فيها بدينه كالخارط لشوك القتاد بيده(2) ثم أطرق مليا، ثم قال: إن لصاحب هذا الامر غيبة فليتق الله عبد(3) وليتمسك بدينه ".

وحدثنى محمد بن يعقوب الكلينى، عن محمد بن يحيى ; والحسن بن محمد جميعا، عن جعفر بن محمد الكوفي، عن الحسن بن محمد الصيرفي، عن صالح بن خالد، عن يمان التمار قال: " كنا جلوسا عند أبي عبدالله(عليه السلام) فقال: إن لصاحب هذا الامر غيبة - وذكر مثله سواء " -.

فمن صاحب هذه الغيبة غير الامام المنتظر(عليه السلام)؟ ومن الذى يشك جمهور الناس في ولادته إلا القليل، وفي سنه؟ ومن الذي لا يأبه له كثير من الخلق ولا يصدقون بأمره، ولا يؤمنون بوجوده إلا هو، أو ليس الذي قد شبه الائمة الصادقون(عليه السلام) الثابت على أمره والمقيم على ولادته - عند غيبته مع تفرق الناس عنه ويأسهم منه واستهزائهم بالمعتقد لامامته ونسبتهم إياهم إلى العجز وهم الجازمون المحقون المستهزئون غدا بأعدائهم - بخارط(4) شوك القتاد بيده والصابر على شدته، وهي

___________________________________

(1) أى هو الذى لا تعرف ولادته، وفى بعض النسخ " لايعرف ولا يؤبه له ".

(2) الخارط من يضرب يده على الغصن، ثم يمدها إلى الاسفل ليسقط ورقه، والقتاد - كسحاب -: شجر صلب شوكه كالابر، وخرط القتاد مثل لارتكاب صعاب الامور.

(3) في بعض النسخ " فليتق الله عند غيبته ".

(4) قوله " بخارط " متعلق بشبه.

(*)

[170]

هذه الشرذمة المنفردة عن هذا الخلق الكثير المدعين للتشيع الذين تفرقت بهم الاهواء وضاقت قلوبهم عن احتمال الحق والصبر على مرارته واستوحشوا من التصديق بوجود الامام مع فقدان شخصه وطول غيبته التى صدقها ودان بها وأقام عليها من عمل على قول أمير المؤمنين(عليه السلام): " لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلة من يسلكه " واستهان وأقل الحفل بما يسمعه من جهل(1) الصم البكم العمي، المبعدين عن العلم، فالله نسأل تثبيتا على الحق، وقوة في التمسك به وبإحسانه.

(فصل).

1 - حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد ابن عقدة قال: حدثنا علي بن الحسن التيملي، عن عمر بن عثمان، عن الحسن بن محبوب، عن إسحاق بن عمار الصيرفي قال: سمعت أبا عبدالله(عليه السلام) يقول: " للقائم غيبتان إحداهما طويلة، والاخرى قصيره(2) فالاولى يعلم بمكانه فيها خاصة من شيعته، والاخرى لا يعلم بمكانه فيها إلا خاصة مواليه في دينه "(3).

2 - حدثنا محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن الحسن ابن محبوب، عن إسحاق بن عمار قال: قال أبوعبدالله(عليه السلام): " للقائم غيبتان إحداهما قصيرة، والاخرى طويلة، [الغيبة] الاولى لا يعلم بمكانه [فيها] إلا خاصة شيعته، والاخرى لا يعلم بمكانه [فيها] إلا خاصة مواليه في دينه "(4).

___________________________________

(1) أى لا يهتم بما يسمع من الجهال من القول التافه.

(2) كأن الراوى تصرف في لفظ الخبر بالتقديم والتأخير، والصواب أن يقول احداهما قصيرة والاخرى طويلة لئلا يخالف النشر اللف كما في الخبر الاتى.

(3) اى خدمه وأهله الذين كانوا على دينه.

(4) ليس في الكافى " في دينه "، ثم اعلم أنه كان للقائم عليه السلام غيبتان أوليهما من زمان وفاة أبيه عليهما السلام إلى فوت أبى الحسن على بن محمد السمرى رابع السفراء، ووفاة الامام ابى محمد العسكرى؟ 9 ربيع الاول سنة 260، ووفاة السمرى 15 شعبان المعظم سنة 329 فتكون الغيبة الاولى التى تسمى بالصغرى قريبا من 70 سنة، ثم بعدها تكون الغيبة الاخرى الطويلة وتسمى بالغيبة الكبرى، والنواب الاربعة الذين يعبر عنهم بالسفراء اولهم أبوعمر عثمان بن سعيد العمرى، والثانى ابنه ابوجعفر محمد بن عثمان، والثالث أبوالقاسم حسين بن روح، والرابع أبوالحسن محمد بن على السمرى.

[171]

3 - حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا علي بن الحسن، قال: حدثنا عبدالرحمن بن أبى نجران، عن علي بن مهزيار(1)، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم ابن عمر اليماني قال: سمعت أبا جعفر(عليه السلام) يقول: " إن لصاحب هذا الامر غيبتين وسمعته يقول: لا يقوم القائم ولاحد في عنقه بيعة ".

4 - حدثنا محمد بن يعقوب قال: حدثنا محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: " يقوم القائم(عليه السلام) وليس لاحد في عنقه عقد ولا عهد ولا بيعة "(2).

5 - وأخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا القاسم بن محمد بن الحسن بن حازم من كتابه قال: حدثنا عبيس بن هشام، عن عبدالله بن جبلة، عن إبراهيم بن المستنير(3) عن المفضل بن عمر الجعفى، عن أبي عبدالله الصادق(عليه السلام) قال: " إن لصاحب

___________________________________

(1) السند معضل أو مضطرب، فان على بن الحسن التيملى متأخر عن على بن مهزيار وأما ابن أبى نجران فمتقدم عليه وكأن فيه تصحيفا، ولعل الصواب " وعلى بن مهزيار ".

(2) قال العلامة المجلسى: العهد والعقد والبيعة متقاربة المعانى، وكأن بعضها مؤكد بالبعض، ويحتمل أن يكون المراد بالعهد الوعد مع خلفاء الجور برعايتهم أو وصيتهم اليه، يقال: عهد اليه اذا أوصى اليه، أو العهد بولاية العهد كما وقع للرضا عليه السلام، وبالعقد عقد المصالحة والمهادنة كما وقع بين الحسن عليه السلام وبين معاوية، والبيعة الا قرار ظاهرا للغير بالخلافة مع التماسح بالايدي على الوجه المعروف، وكأنه اشارة إلى بعض علل الغيبة وفوائدها كما روى الصدوق - رحمه الله - باسناده عن أبى بصير عن أبي - عبدالله عليه السلام قال: " صاحب هذا الامر تغيب ولادته عن هذا الخلق لئلا يكون لاحد في عنقه بيعة اذا خرج، ويصلح الله عزوجل أمره في ليلة ".

(3) كذا.

(*)

[172]

هذا الامر غيبتين إحديهما تطول حتى يقول بعضهم: مات، وبعضهم يقول: قتل، وبعضهم يقول: ذهب، فلا يبقى على أمره من أصحابه إلا نفر يسير، لا يطلع على موضعه أحد من ولي ولا غيره إلا المولى الذي يلى أمره ".

ولو لم يكن يروى في الغيبة إلا هذا الحديث لكان فيه كفاية لمن تأمله.

6 - وبه، عن عبدالله بن جبلة، عن سلمة بن جناح، عن حازم بن حبيب قال: دخلت على أبي عبدالله(عليه السلام) فقلت له: " أصلحك الله إن أبوي هلكا ولم يحجا و إن الله قد رزق وأحسن فما تقول في الحج عنهما؟ فقال: افعل فإنه يبرد لهما، ثم قال لي: يا حازم إن لصاحب هذا الامر غيبتين يظهر في الثانية، فمن جاء‌ك يقول: إنه نفض يده من تراب قبره(1) فلا تصدقه ".

حدثنا عبدالواحد بن عبدالله قال: حدثنا أحمد بن محمد بن رباح الزهري قال: حدثنا أحمد بن على الحميري، عن الحسن بن أيوب، عن عبدالكريم بن عمرو، عن أبى حنيفة السايق(2) عن حازم بن حبيب قال: " قلت لابى عبدالله(عليه السلام): إن أبى هلك وهو رجل أعجمي وقد أردت أن أحج عنه وأتصدق فما ترى في ذلك؟ فقال: افعل فإنه يصل إليه، ثم قال لي: يا حازم إن لصاحب هذا الامر غيبتين - و ذكر مثل ما ذكر في الحديث الذى قبله سواء ".

7 - أحمد بن محمد بن سعيد ابن عقدة قال: حدثنا محمد بن المفضل بن إبراهيم ابن قيس ; وسعدان بن إسحاق بن سعيد: وأحمد بن الحسين بن عبدالملك ; ومحمد بن أحمد بن الحسن القطواني قالوا جميعا: حدثنا الحسن بن محبوب، عن إبراهيم [بن زياد] الخارقي، عن أبى بصير قال: " قلت لابى عبدالله(عليه السلام): كان أبوجعفر(عليه السلام)

___________________________________

(1) نفض الثوب: حركه ليزول عنه الغبار، وهذا كناية عن الاخبار بالموت.

(2) هو سعيد بن بيان يكنى أبا حنيفة يلقب بسائق الحاج لانه يسوق الحاج من الكوفة وروى عن الوليد بن صبيح أنه قال لابي عبدالله عليه السلام: " ان أبا حنيفة رأى هلال ذى الحجة بالقادسية وشهد معنا عرفة؟ فقال: ما لهذا صلاة "، عنونه النجاشى وقال: أبوحنيفة سائق الحاج الهمدانى ثقة، روى عن أبى عبدالله عليه السلام، وله كتاب يرويه عدة من أصحابنا.

(*)

[173]

يقول: لقائم آل محمد غيبتان إحداهما أطول من الاخرى؟ فقال: نعم ولا يكون ذلك حتى يختلف سيف بني فلان وتضيق الحلقة، ويظهر السفيانى ويشتد البلاء، و يشمل الناس موت وقتل يلجأون فيه إلى حرم الله وحرم رسوله(صلى الله عليه وآله وسلم) ".

8 - عبدالواحد بن عبدالله قال: حدثنا أحمد بن محمد بن رباح، قال: حدثنا أحمد بن على الحميري قال: حدثنا الحسن بن أيوب، عن عبدالكريم بن عمرو، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم الثقفي، عن الباقر أبى جعفر(عليه السلام) أنه سمعه يقول: " إن للقائم غيبتين يقال له في إحديهما: هلك ولا يدرى في أي واد سلك ".

9 - محمد بن يعقوب قال: حدثنا محمد بن يحيى ; وأحمد بن إدريس، عن الحسن ابن علي الكوفي، عن علي بن حسان، عن عبدالرحمن بن كثير، عن المفضل بن - عمر قال: سمعت أبا عبدالله(عليه السلام) يقول: " إن لصاحب هذا الامر غيبتين، يرجع في إحديهما إلى أهله(1) والاخرى يقال: هلك، في أي واد سلك، قلت: كيف نصنع إذا كان ذلك؟ قال: إن ادعى مدع فاسألوه عن تلك العظائم التي يجيب فيها مثله "(2).

هذه الاحاديث التى يذكر فيها أن للقائم(عليه السلام) غيبتين أحاديث قد صحت عندنا بحمد الله، وأوضح الله قول الائمة(عليه السلام) وأظهر برهان صدقهم فيها، فأما الغيبة الاولى فهى الغيبة التى كانت السفراء فيها بين الامام(عليه السلام) وبين الخلق قياما منصوبين ظاهرين موجودي الاشخاص والاعيان، يخرج على أيديهم غوامض العلم(3)، و عويص الحكم، والاجوبة عن كل ما كان يسأل عنه من المعضلات والمشكلات، و

___________________________________

(1) في الكافى ج 1 ص 340 " يقول: لصاحب هذا الامر غيبتان: احداهما يرجع منها إلى أهله ".

ولعل المراد برجوعه وصول خبره.

(2) كذا، وفى الكافى " اذا ادعاها مدع فاسألوه عن أشياء يجيب فيها مثله ".

(3) النسخ مختلفة في ضبط هذه الكلمة ففى بعضها " الشفاء من العلم " وفى بعضها " السهاء العلم "، والشفاء بالمد: الدواء، وبالقصر بقية الهلال قبل أن يغيب وحرف كل شئ وحده.

(*)

[174]

هى الغيبة القصيرة التى انقضت أيامها وتصرمت مدتها(1).

والغيبة الثانية هى التى ارتفع فيها أشخاص السفراء والوسائط للامر الذي يريده الله تعالى، والتدبير الذى يمضيه في الخلق، ولوقوع التمحيص والامتحان و البلبلة والغربلة والتصفية على من يدعى هذا الامر كما قال الله عزوجل: " ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب.

وما كان الله ليطلعكم على الغيب "(2) وهذا زمان ذلك قد حضر، جعلنا الله فيه من الثابتين على الحق، وممن لا يخرج في غربال الفتنة، فهذا معنى قولنا " له غيبتان " ونحن في الاخيرة نسأل الله أن يقرب فرج أوليائه منها ويجعلنا في حيز خيرته وجملة التابعين لصفوته، ومن خيار من ارتضاه وانتجبه لنصرة وليه وخليفته فإنه ولى الاحسان، جواد منان(3).

10 - أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا القاسم بن محمد بن الحسن [بن حازم] قال: حدثنا عبيس بن هشام، عن عبدالله بن جبلة، عن أحمد بن الحارث(4)، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبدالله(عليه السلام) أنه قال: " إن لصاحب هذا الامرغيبة يقول فيها " ففررت منكم لما خفتكم فوهب لى ربي حكما وجعلني من المرسلين "(5).

11 - حدثنا محمد بن همام قال: حدثنى جعفر بن محمد بن مالك، قال: حدثني الحسن بن محمد بن سماعة، قال: حدثني أحمد بن الحارث الانماطي، عن المفضل ابن عمر، عن أبي عبدالله(عليه السلام) أنه قال: " إذا قام القائم تلا هذه الآية " ففررت منكم لما خفتكم ".

12 - حدثنا عبدالواحد بن عبدالله بن يونس، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن

___________________________________

(1) تصرمت السنة أى انقضت، ويدل على أن تأليف الكتاب كان بعد وفاة على بن محمد السمرى وذلك في شعبان سنة تسع وعشرين وثلاثمائة.

(2) آل عمران: 178 - 179.

(3) المنان الكثير النعم، والذى أنعم متواصلا.

(4) هو الانماطى الواقفى، له كتاب.

(5) الشعراء: 21.

(*)

[175]

رباح، قال: حدثنى أحمد بن على الحميري، عن الحسن بن أيوب، عن عبدالكريم ابن عمرو الخثعمي، عن أحمد بن الحارث، عن المفضل بن عمر قال: سمعته يقول - يعنى أبا عبدالله(عليه السلام) -: " قال أبوجعفر محمد بن على الباقر(عليهما السلام): إذا قام القائم [عليه السلام] قال: " ففررت منكم لماخفتكم فوهب لى ربي حكما وجعلني من المرسلين ".هذه الاحاديث مصداق قوله: " إن فيه سنة من موسى(1)، وإنه خائف يترقب ".

13 - حدثنا محمد بن همام قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك، قال: حدثنى الحسن بن محمد الصيرفي(2) قال: حدثنى يحيى بن المثنى العطار، عن عبدالله بن بكير، عن عبيد بن زرارة، عن أبى عبدالله(عليه السلام) أنه قال: " يفتقد الناس إمام يشهد المواسم(3) يراهم ولا يرونه ".

14 - حدثنا محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن جعفر بن محمد، عن إسحاق ابن محمد، عن يحيى بن المثني، عن عبدالله بن بكير، عن عبيد بن زرارة قال: سمعت أبا عبدالله(عليه السلام) يقول: " يفقد الناس إمامهم، يشهد المواسم فيراهم ولا يرونه ".

15 - حدثنا عبدالواحد بن عبدالله قال: حدثنا أحمد بن محمد بن رباح، قال: حدثنا أحمد بن على الحميري، عن الحسن، عن عبدالكريم بن عمرو، عن ابن بكير ; ويحيى بن المثني، عن زرارة قال: سمعت أبا عبدالله(عليه السلام) يقول: " إن للقائم غيبتين يرجع في إحديهما، و [في] الاخرى لايدرى أين هو، يشهد المواسم يرى الناس ولا يرونه ".

16 - حدثنا محمد بن يعقوب الكلينى، عن الحسين بن محمد، عن جعفر بن محمد،

___________________________________

(1) كذا، وتقدم كونه " شبه من موسى ".

(2) كذا في كمال الدين، وفى الكافى " اسحاق بن محمد الصيرفى " كما يأتي.

(3) يعنى في الحج عند الطواف أو السعى أو الوقوفين أو حين الرمى.

(*)

[176]

عن القاسم بن إسماعيل، عن يحيى بن المثنى، عن عبدالله بن بكير، عن عبيد بن زرارة، عن أبى عبدالله(عليه السلام) أنه قال: " للقائم غيبتان، يشهد في إحديهما المواسم يرى الناس ولا يرونه فيه "(1).

17 - حدثنا محمد بن همام - رحمه الله - قال: حدثنا أحمد بن مابنداذ، قال: حدثنا أحمد بن هلال، عن موسى بن القاسم بن معاوية البجلي، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر(عليهما السلام) قال: " قلت له: ما تأويل هذه الآية: " قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين(2) " قال: إذا فقدتم إمامكم فمن يأتيكم بإمام جديد ".

وحدثنا محمد بن يعقوب الكليني، عن علي بن محمد، عن سهل بن زياد الآدمي، عن موسى بن القاسم بن معاوية البجلي، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر(عليهما السلام) قال: قلت له: ما تأويل هذه الآية - مثله بلفظه إلا أنه قال: - " إذا غاب عنكم إمامكم من يأتيكم بإمام جديد ".

18 - حدثنا على بن أحمد البندنيجي، عن عبيد الله بن موسى العلوي العباسي عن محمد بن أحمد القلانسي، عن أيوب بن نوح، عن صفوان بن يحيى، عن عبدالله ابن بكير، عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر(عليه السلام) يقول: " إن للقائم -(عليه السلام) - غيبة، ويجحده أهله(3)، قلت: ولم ذلك؟ قال: يخاف - وأومأ بيده إلى بطنه - ".

19 - حدثنا علي بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى العلوي، عن أحمد بن الحسن(4)، عن أبيه، عن ابن بكير، عن زرارة، عن عبدالملك بن أعين قال: سمعت

___________________________________

(1) ليس في الكافى لفظة " فيه ".ولعل المراد بالرؤية المعرفة يعنى لا يعرفه أحد من الناس، وهو أظهر.

(2) الملك: 30.

(3) أى ينكرون ميلاده أو وجوده خوفا من قتله.

(4) الظاهر كونه أحمد بن الحسن بن على بن فضال المكنى بأبى عبدالله أو أبى - الحسين وهو فطحى موثق.

وفى بعض النسخ " احمد بن الحسين " وهو احمد بن الحسين بن سعيد القرشى ظاهرا.

(*)

[177]

أبا جعفر(عليه السلام) يقول: " إن للقائم(عليه السلام) غيبة قبل أن يقوم، قلت: ولم؟ قال: يخاف - وأومأ بيده إلى بطنه - يعنى القتل "(1).

20 - وأخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا علي بن الحسن التيملي، عن العباس بن عامر بن رباح، عن ابن بكير، عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر الباقر(عليه السلام) يقول: " إن للغلام غيبة قبل أن يقوم، وهو المطلوب تراثه، قلت: ولم ذلك؟ قال: يخاف - وأومأ بيده إلى بطنه - يعني القتل ".

21 - وحدثنا أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا أبومحمد عبدالله بن أحمد بن المستورد الاشجعي قال: حدثنا محمد بن عبيدالله أبوجعفر الحلبي، قال: حدثنا عبدالله بن بكير، عن زرارة، قال: سمعت أبا عبدالله جعفرا(عليه السلام) يقول: " إن للقائم(عليه السلام) غيبة قبل أن يقوم، قلت: ولم ذلك؟ قال: إنه يخاف - وأوما بيده إلى بطنه - يعنى القتل".

أخبرنا محمد بن يعقوب الكليني، عن محمد بن يحيى، عن جعفر بن محمد، عن الحسن بن معاوية(2)، عن عبدالله بن جبلة، عن عبدالله بن بكير، عن زرارة، قال: سمعت أبا عبدالله(عليه السلام) يقول - وذكر مثله -.

___________________________________

(1) قال الشيخ في كتاب غيبة: لاعلة تمنع من ظهوره عليه السلام الا خوفه على نفسه من القتل لانه لو كان غير ذلك لما ساغ له الاستتار وكان يحتمل المشاق والاذى، فان منازل الائمة وكذلك الانبياء عليهم السلام انما تعظم لتحملهم المشاق العظيمة في ذات الله تعالى، فان قيل: هلا منع الله من قتله بما يحول بينه وبين من يريد قتله؟ قلنا: المنع الذى لا ينافى التكليف هو، النهى عن خلافه والامر بوجوب اتباعه ونصرته والزام الانقياد له، وكل ذلك فعله تعالى، واما الحيلولة بينهم وبينه فانه ينافى التكليف، وينتقض الغرض، لان الغرض بالتكليف استحقاق الثواب، والحيلولة تنافى ذلك، وربما كان في الحيلولة والمنع من قتله بالقهر مفسدة للخلق فلا يحسن من الله فعلها.انتهى.

أقول: وحكمه عليه السلام غير حكم آبائه عليهم السلام، فلا يناقض قول الشيح(ره) بفعل آبائه(ع).

(2) كذا في الكافى ولم أجده.

(*)

[178]

22 - حدثنا محمد بن همام، عن جعفر بن محمد بن مالك، قال: حدثني أحمد ابن ميثم، عن عبيدالله بن موسي(1) عن عبدالاعلى بن حصين الثعلبي، عن أبيه قال: " لقيت أبا جعفر محمد بن علي(عليهما السلام) في حج أو عمرة فقلت له: كبرت سني، ودق عظمي فلست أدرى يقضى لي لقاؤك أم لا فاعهد إلي عهدا وأخبرني متى الفرج؟ فقال: إن الشريد الطريد الفريد الوحيد، المفرد من أهله، الموتور بوالده(2)، المكنى بعمه هو صاحب الرايات، واسمه اسم نبي فقلت: أعد علي، فدعا بكتاب أديم أو صحيفة فكتب لي فيها ".

23 - وحدثنا أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا أبوعبدالله يحيى بن زكريا ابن شيبان من كتابه قال: حدثنا يونس بن كليب، قال: حدثنا معاوية بن هشام، عن صباح، قال: حدثنا سالم الاشل، عن حصين التغلبي(3) قال: لقيت أبا جعفر محمد

___________________________________

(1) أحمد بن ميثم من ثقات الكوفيين وفقهائهم.والظاهر كون عبيدالله بن موسى هو العبسى الكوفى.

وعبدالاعلى بن حصين التغلبى أو الثعلبى لم أجده، انما كان في أنساب السمعانى عبدالاعلى بن عامر الثعلبى ينسب إلى ثعلبية احدى منازل الحاج في البادية، وفى التقريب عنونه وقال: صدوق.

فيمكن أن يكون نسبة إلى الجد، وحصين بن عامر معنون في الجامع وقال يكنى ابا الهيثم الكلبى الكوفى وعده من أصحاب الصادق عليه السلام.فيحتمل بعيدا كونه عبدالاعلى بن حصين بن عامر.

(2) الموتور بوالده أى قتل والده ولم يطلب بدمه، والمراد بالوالد أما العسكرى عليه السلام أو الحسين صلوات الله عليه أو جنس الوالد ليشمل جميع الائمة عليهم السلام، وقوله " المكنى بعمه " لعل كنية بعض أعمامه أبوالقاسم، أو هو عليه السلام مكنى بأبى جعفر أو ابى الحسين أو أبى محمد أيضا، ولا يبعد أن يكون المعنى لا يصرح بأسمه بل يعبر عنه بالكناية خوفا من عمه جعفر، والاوسط أظهر، ولا ينافى التكنية بابى القاسم.وقوله " اسمه اسم نبى " يعنى نبينا.

وعبر عنه بهذه العبارة خوفا، وللنهى عن التسمية.والبيان مأخوذ من البحار.

(3) كذا وتقدم الكلام فيه.

(*)

[179]

ابن على(عليهما السلام) وذكر مثل الحديث الاول إلا أنه قال: " ثم نظر إلي أبوجعفر عند فراغه من كلامه، فقال: أحفظت [أم] أكتبها لك؟ فقلت: إن شئت، فدعا بكراع من أديم أو صحيفة فكتبها لي، ثم دفعها إلي، وأخرجها حصين إلينا فقرأها علينا ثم قال: هذا كتاب أبى جعفر(عليه السلام) ".

24 - وحدثنا محمد بن همام قال: حدثنى جعفر بن محمد بن مالك، قال: حدثني عباد بن يعقوب، قال: حدثني الحسن بن حماد الطائي، عن أبي الجارود عن أبي جعفر محمد بن علي(عليهما السلام) أنه قال: " صاحب هذا الامر هو الطريد الشريد(1) الموتور بأبيه، المكنى بعمه، المفرد من أهله، اسمه اسم نبي ".

25 - حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا حميد بن زياد قراء‌ة عليه من كتابه قال: حدثنا ااحسن بن محمد الحضرمي، قال: حدثنا جعفر بن محمد(عليهما السلام) ; و عن يونس بن يعقوب عن سالم المكي، عن أبي الطفيل قال(2): قال لي عامر بن واثلة: " إن الذي تطلبون وترجون إنما يخرج من مكة، وما يخرج من مكة حتى يرى الذى يحب، ولوصار أن يأكل الاغصان أعصان الشجرة ".

فأى أمر أوضح وأي طريق أفسح من الطريقة التى دل عليها الائمة(عليهم السلام) في هذه الغيبة ونهجوها لشيعتهم حتى يسلكوها مسلمين غير معارضين، ولا مقترحين، ولا شاكين، وهل يجوز أن يقع مع هذا البيان الواقع في أمر الغيبة شك؟ وأبين من هذا في وضوح الحق لصاحب الغيبة وشيعته ما.

26 - حدثنا به محمد بن همام قال: حدثنا أحمد بن مابنداذ قال: حدثنا أحمد ابن هلال، قال: حدثنا أحمد بن علي القيسي، عن ابى الهيثم الميثمي(3) عن أبي - عبدالله جعفر بن محمد(عليهما السلام) أنه قال: " إذا توالت ثلاثة أسماء محمد وعلي والحسن كان

___________________________________

(1) في بعض النسخ " الطريد الفريد ".

(2) يعنى قال سالم المكى: قال لى عامر بن واثلة أبوالطفيل.

(3) لم أجده وكأنه ابراهيم بن شعيب الميثمى وصحف ابراهيم بأبى الهيثم للتشابه الخطى.

(*)

[180]

رابعهم قائمهم "(1).

27 - محمد بن همام قال: حدثنا عبدالله بن جعفر الحميري، قال: حدثنا محمد بن عيسى بن عبيد، عن محمد بن أبي يعقوب البلخي قال: سمعت أبا الحسن الرضا(عليه السلام) يقول: " إنكم ستبتلون بما هو أشد وأكبر، تبتلون بالجنين في بطن أمه، والرضيع حتى يقال: غاب ومات، ويقولون: لا إمام، وقد غاب رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وغاب وغاب(2) وها أناذا أموت حتف أنفي ".

28 - وحدثنا محمد بن همام قال: حدثنا أحمد بن ما بنداذ ; وعبدالله بن جعفر الحميرى قالا: حدثنا أحمد بن هلال، قال: حدثنا الحسن بن محبوب الزراد قال: قال لي الرضا(عليه السلام): " إنه يا حسن سيكون فتنة صماء صيلم(3) يذهب فيها كل وليجة وبطانة - وفي رواية " يسقط فيها كل وليجة وبطانة " - وذلك عند فقدان الشيعة الثالث من ولدي، يحزن لفقده أهل الارض والسماء، كم من مؤمن ومؤمنة متأسف متلهف حيران حزين لفقده(4)، ثم أطرق، ثم رفع رأسه، وقال: بأبي وأمي سمي جدي وشبيهي وشبيه موسى بن عمران، عليه جيوب النور(5) يتوقد

___________________________________

(1) في بعض النسخ " رابعهم القائم ".

(2) أى كان له غيبات كثيرة كغيبته في حراء وشعب ابى طالب وفى الغار وبعد ذلك إلى أن دخل المدينة، ويمكن أن يكون فاعل الفعلين محذوفا بقرينة المقام أى غاب غيره من الانبياء، ويمكن أنه عليه السلام ذكرهم وعبر الراوى هكذا اختصارا.

(3) الفتنة الصماء هى التى لا سبيل إلى تسكينها لتناهيها في دهائها لان الاصم لا يسمع الاستغاثة والصيلم: الداهية.

(4) في عيون أخبار الرضا(ع) " كم من حرى مؤمنة وكم من مؤمن متأسف حيران حزين عند فقدان الماء المعين ".

ووليجة الرجل: دخلاؤه وخاصته، وبطانة الرجل: الذى هو صاحب سره.

(5) لعل المعنى أن جيوب الاشخاص النو رانية من كمل المؤمنين والملائكة المقربين وأرواح المرسلين تشتعل للحزن على غيبته وحيرة الناس فيه، وأنما ذلك لنور ايمانهم الساطع من شموس عوالم القدس، ويحتمل أن يكون المراد بجيوب النور الجيوب المنسوبة إلى النور والتى يسطع منهاأنوار فيضه وفضله تعالى، والحاصل أن عليه صلوات الله عليه أثواب قدسية وخلع ربانية تتقدمن جيوبها انوار فضله وهدايته تعالى، ويؤيده ما ورد في خبر آخر عن النبى صلى الله عليه وآله " جلا بيب النور " ويحتمل أن يكون " على " تعليلية، أى ببركة هدايته وفيضه عليه السلام يسطع من جيوب القابلين أنوار القدس من العلوم والمعارف الربانية كذا قاله العلامة المجلسى رحمه الله.

 

[181]

من شعاع ضياء القدس، كأنى به آيس ما كانوا، قد نودوا نداء يسمعه من بالبعد كما يسمعه من بالقرب، يكون رحمة على المؤمنين، وعذابا على الكافرين، فقلت: يأبي وأمي أنت وما ذلك النداء؟ قال: ثلاثة أصوات في رجب، أولها: " ألا لعنة الله على الظالمين " والثاني " أزفت الآزفة يا معشر المؤمنين " والثالث يرون يدا بارزا(1) مع قرن الشمس ينادي: " ألا إن الله قد بعث فلانا على هلاك الظالمين " فعند ذلك يأتي المؤمنين الفرج، ويشفى الله صدورهم، ويذهب غيظ قلوبهم ".

29 - محمد بن همام قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك، قال: حدثنا محمد بن أحمد المديني(2)، قال: حدثنا علي بن أسباط، عن محمد بن سنان، عن داود بن كثير الرقي قال: " قلت لابي عبدالله(عليه السلام): جعلت فداك قد طال هذا الامر علينا حتى ضاقت قلوبنا ومتنا كمدا(3)، فقال: إن هذا الامر آيس مايكون منه وأشده غما ينادى مناد من السماء باسم القائم واسم أبيه، فقلت له: جعلت فداك ما اسمه؟ فقال: اسمه اسم نبي، واسم أبيه اسم وصي "(4).

30 - وحدثنا أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثني محمد بن على التيملي، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ; وحدثنى غير واحد، عن منصور بن يونس بزرج(5)، عن

___________________________________

(1) كذا، وفى جل النسخ " بدنا بارزا ".ثم القياس بارزة.

(2) في بعض النسخ " المدائنى ".

(3) أى حزنا.وكمد - من باب فرح يفرح -: أى تغير لونه أو مرض قلبه.

(4) لم يصرح باسمه واسم أبيه لئلا يشتهر.

(5) منصور بن يونس القرشى مولاهم أبويحيى يقال له: بزرج كوفى ثقة.

(*)

[182]

إسماعيل بن جابر، عن ابى جعفر محمد بن علي(عليهما السلام) أنه قال: " يكون لصاحب هذا الامر غيبة في بعض هذه الشعاب - وأوما بيده إلى ناحية ذي طوى(1) - حتى إذا كان قبل خروجه أتى المولى الذي كان معه حتى يلقى بعض أصحابه، فيقول: كم أنتم ههنا؟ فيقولون: نحو من أربعين رجلا، فيقول: كيف أنتم لو رأيتم صاحبكم؟ فيقولون: والله لو ناوى بنا الجبال لناويناها معه، ثم يأتيهم من القابلة ويقول: أشيروا إلى رؤسائكم أو خياركم عشرة، فيشيرون له إليهم، فينطلق بهم حتى يلقوا صاحبهم، ويعدهم الليلة التى تليها.

ثم قال أبوجعفر(عليه السلام): والله لكأني أنظر إليه وقد أسند ظهره إلى الحجر فينشدالله حقه ثم يقول: يا أيها الناس من يحاجني في الله فأنا أولى الناس بالله، أيها الناس من يحاجني في آدم فأنا أولى الناس بآدم، أيها الناس من يحاجني في نوح فأنا أولى الناس بنوح، أيها الناس من يحاجنى في إبراهيم فأنا أولى الناس بإبراهيم، أيها الناس من يحاجني في موسى فأنا أولى الناس بموسى، أيها الناس من يحاجني في عيسى فأنا أولى الناس بعيسى، أيها الناس من يحاجني في محمد فأنا أولى الناس بمحمد(صلى الله عليه وآله)، أيها الناس من يحاجنى في كتاب الله فأنا أولى الناس بكتاب الله، ثم ينتهي إلى المقام فيصلى عنده ركعتين وينشد الله حقه.

ثم قال أبوجعفر(عليه السلام): وهو والله المضطر الذي يقول الله فيه " أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الارض(2) " فيه نزلت وله ".

31 - حدثنا على بن أحمد، عن عبيدالله بن موسى العلوي، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود، قال: سمعت أبا جعفر(عليه السلام) يقول: " لايزالون ولا تزال حتى يبعث الله لهذا الامر من لا يدرون خلق أم لم يخلق ".

___________________________________

(1) ذوطوى - بالضم - موضع عند مكة، وقيل: هو بالفتح، وقيل: بالكسر، ومنهم من يضمهما، والفتح أشهر: واد بمكة، قيل: هو الابطح.

(2) النمل: 62.

(*)

[183]

32 - حدثنا محمد بن همام قال: حدثني جعفر بن محمد بن مالك، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ; وقد حدثنى عبدالله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد ابن عيسى قالا جميعا: حدثنا محمد بن سنان، عن أبي الجارود عن أبي جعفر الباقر(عليه السلام) قال: " لا تزالون تمدون أعناقكم إلى الرجل منا تقولون: هو هذا فيذهب الله به حتى يبعث الله لهذا الامر من لا تدرون ولد أم لم يولد، خلق أم لم يخلق ".

33 - حدثنا علي بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى، عن محمد بن أحمد القلانسي، عن محمد بن علي، عن محمد بن سنان، عن أبى الجارود قال: سمعت أبا جعفر(1)(عليه السلام) يقول: " لا يزال ولا تزالون تمدون أعينكم إلى رجل تقولون: هو هذا إلا ذهب حتى يبعث الله من لا تدرون خلق بعد أم لم يخلق ".

34 - حدثنا على بن الحسين(2) قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا محمد بن حسان الرازي قال: حدثنا محمد بن علي(3)، عن محمد بن سنان، عن رجل، عن ابي جعفر(عليه السلام) أنه قال: " لا تزالون ولا تزال حتى يبعث الله لهذا الامر من لا تدرون خلق أم لم يخلق ".

أليس في هذه الاحاديث يا معشر الشيعة - ممن وهب الله تعالى له التمييز و شافى التأمل والتدبر لكلام الائمة(عليهم السلام) - بيان ظاهر ونور زاهر؟ هل يوجد أحد من الائمة الماضين(عليهم السلام) يشك في ولادته، واختلف في عدمه ووجوده، ودانت طائفة من الامة به في غيبته، ووقعت الفتن في الدين في أيامه، وتحير من تحير في أمره؟ وصرح أبوعبدالله(عليه السلام) بالدلالة عليه بقوله: " إذا توالت ثلاثة أسماء: محمد و علي والحسن كان رابعهم قائمهم " إلا هذا الامام(عليه السلام) الذي جعل كمال الدين به و على يديه، وتمحيص الخلق وامتحانهم وتمييزهم بغيبته، وتحصيل الخالص

___________________________________

(1) في بعض النسخ " أبا عبدالله عليه السلام ".

(2) هو على بن الحسين الصدوق - رحمه الله -.

(3) هو ابوسمينة الكوفى، وفى بعض النسخ " محمد بن الحسين " والظاهر كونه تصحيفا.

(*)

[184]

الصافى منهم على ولايته(1) بالاقامة على نظام أمره والاقرار بإمامته وإدانة الله بأنه حق وأنه كائن وأن أرضه لاتخلو منه وإن غاب شخصه، تصديقا وإيمانا وإيقانا بكل ما قاله رسول الله(صلى الله عليه وآله) وأميرالمؤمنين والائمة(عليهم السلام) وبشروا به من قيامه بعد غيبته بالسيف عند اليأس منه، فليتبين متبين ما قاله كل واحد من الائمة(عليهم السلام) فيه، فأنه يعينه على الازدياد في البيان ويلوح منه البرهان، جعلنا الله وإخواننا جميعا أبدا من أهل الاجابة والاقرار، ولا جعلنا من أهل الجحود والانكار، وزادنا بصيرة ويقينا وثباتا على الحق وتمسكا به، فإنه الموفق المسدد المؤيد(2).

35 - أخبرنا محمد بن همام قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك، قال: حدثنا عباد بن يعقوب، قال: حدثنا يحيى بن سالم، عن أبي جعفر الباقر(عليه السلام) أنه قال: " صاحب هذا الامر أصغرنا سنا، وأخملنا شخصا، قلت: متى يكون ذاك؟ قال: إذا سارت الركبان ببيعة الغلام، فعند ذلك يرفع كل ذي صيصية لواء، فانتظروا الفرج(3) ".

ولا يعرف فيمن مضى من الائمة الصادقين(عليهم السلام) أجمعين ولا في غيرهم ممن ادعيت له الامامة بالدعاوي الباطلة من أوتم به في صغر سن إلا هذا الامام صلى الله عليه الذى حباه الله الامامة والعلم [كما أوتي عيسى بن مريم ويحيى بن زكريا الكتاب والنبوة والعلم والحكم صبيا]، والدليل على ذلك قول أبي عبدالله(عليه السلام): فيه شبه من أربعة أنبياء "(4) أحدهم عيسى بن مريم(عليه السلام) لانه أوتي الحكم صبيا

___________________________________

(1) في بعض النسخ " على قلبه "، وفى بعضها " على وليه ".

(2) في نسخة " الموفق للصواب برحمته ".

(3) الصيصة والصيصية: شوكة الحائك التى يسوى بها السداة واللحمة، وشوكة الديك، وقرن البقر والظباء، والحصن، وكل ما امتنع به، كذا في اللغة، والمراد اظهار كل ذى قوة لواء.

وقال العلامة المجلسى: " أصغرنا سنا " يعنى عند الامامة، و " سارت الركبان " أى انتشر الخبر في الافاق بان بويع الغلام أى القائم عليه السلام.

(4) تقدم انه " فيه سنن من أربعة أنبياء ".

(*)

[185]

والنبوة والعلم، وأوتي هذا(عليه السلام) الامامة، وفي قولهم(عليهم السلام): " هذا الامر في أصغرنا سنا وأخملنا ذكرا"(1) دليل عليه وشاهد بأنه هو لانه ليس في الائمة الطاهرين(عليهم السلام) ولا في غير الائمة ممن ادعي له الد عاوي الباطلة من أفضى إليه الامر [بالامامة] في سنة، لان جميع من أفضيت إليه الامامة(2) من أئمة الحق وممن أدعيت له أكبر سنا منه، فالحمد لله الذي يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين(3).

36 - حدثنا محمد بن همام قال: حدثنا أحمد بن ما بنداذ قال: حدثنا أحمد ابن هلال، عن أمية بن علي القيسى(4) قال: " قلت لابي جعفر محمد بن علي الرضا(عليهما السلام): من الخلف بعدك؟ فقال: ابني علي وابنا علي، ثم أطرق مليا، ثم رفع رأسه، ثم قال: إنها ستكون حيرة، قلت: فإذا كان ذلك فإلى أين؟ فسكت ثم قال: لا أين - حتى قالها ثلاثا -(5) فأعدت عليه، فقال: إلى المدينة، فقلت: أي المدن؟ فقال: مدينتنا هذه، وهل مدينة غيرها؟ ".

وقال أحمد بن هلال: أخبرني محمد بن إسماعيل بن بزيع أنه حضر أمية بن علي القيسى وهو يسأل أبا جعفر(عليه السلام) عن ذلك فأجابه بهذا الجواب.

وحدثنا علي بن أحمد قال: حدثنا عبيدالله بن موسى، عن أحمد بن الحسين(6)،

___________________________________

(1) كان فيما مر " أخملنا شخصا ".

(2) أفضى اليه الشئ أى وصل اليه.

(3) الدابر المتأخر والتابع وآخر كل شئ، والمراد انقراضهم.

(4) امية بن على القيسى ضعيف ضعفه أصحابنا، ولكن ضعفه لا يضر، لما يأتي الخبر عن ابن بزيع الثقة.

(5) " لا أين " أى لا يهتدى اليه وأين يوجد ويظفر به، ثم أشار عليه السلام إلى أنه يكون في بعض الاوقات في المدينة أو يراه بعض الناس فيها.(البحار).

(6) الظاهر كونه أحمد بن الحسين بن سعيد القرشى، وفى بعض النسخ " أحمد بن الحسن " ويحتمل كونه احمد بن الحسن بن على بن فضال.

(*)

[186]

عن أحمد بن هلال، عن امية بن على القيسى - وذكر مثله -.

37 - حدثنا محمد بن همام قال: حدثني أبوعبدالله محمد بن عصام قال: حدثنا أبوسعيد سهل بن زياد الآدمي، قال: حدثنا عبدالعظيم بن عبدالله الحسنى، عن أبى جعفر محمد بن علي الرضا(عليهما السلام) أنه سمعه يقول: " إذا مات ابني علي بدا سراج بعده ثم خفي، فويل للمرتاب، وطوبى للغريب الفار بدينه، ثم يكون بعد ذلك أحداث تشيب فيها النواصي، ويسير الصم الصلاب "(1).

أى حيرة أعظم من هذه الحيرة التى أخرجت من هذا الامر الخلق الكثير و الجم الغفير؟ ولم يبق عليه ممن كان فيه إلا النزر اليسير، وذلك لشك الناس و ضعف يقينهم وقلة ثباتهم على صعوبة ما ابتلي به المخلصون الصابرون، والثابتون والراسخون في علم آل محمد(عليهم السلام) الراوون لاحاديثهم هذه، العالمون بمرادهم فيها، الدارون(2) لما أشاروا إليه في معانيها الذين أنعم الله عليهم بالثبات وأكرمهم باليقين، والحمدلله رب العالمين.

38 - حدثنا محمد بن يعقوب الكليني قال: حدثنا محمد بن يحيى، عن أحمد ابن إدريس(3)، عن محمد بن أحمد، عن جعفر بن القاسم، عن محمد بن الوليد الخزاز، عن الوليد بن عقبة، عن الحارث بن زياد، عن شعيب، عن أبى حمزة قال: " دخلت على أبي عبدالله(عليه السلام) فقلت له: أنت صاحب هذا الامر؟ فقال: لا، فقلت: فولدك؟ فقال: لا، فقلت: فولد ولدك؟ فقال: لا، قلت: فولد ولد ولدك؟ قال: لا، قلت: فمن هو؟ قال: الذي يملاها عدلا كما ملئت [ظلما و] جورا، لعلى فترة من الائمة

___________________________________

(1) سيرالصم الصلاب كناية عن شدة الامر وتغير الزمان حتى كأن الجبال زالت عن مواضعها، أو عن تزلزل الثابتين في الدين عنه.

(2) يعنى أهل الدراية والفهم لمغزى كلامهم ومقاصد ألفاظهم وتعابيرهم.

(3) كذا وليس في الكافى " محمد بن يحيى " وهو الصواب لعدم رواية محمد بن يحيى عن أحمد بن إدريس، واتحاد طبقتهما.

(*)

[187]

[يأتي]، كما أن النبى(صلى الله عليه وآله) بعث على فترة من الرسل "(1).

39 - حدثنا محمد بن يعقوب قال: حدثنا علي بن محمد، عن بعض رجاله، عن أيوب بن نوح، عن أبي الحسن الثالث(عليه السلام)(2) أنه قال: " إذا رفع علمكم من بين أظهر كم فتوقعوا الفرج من تحت أقدامكم "(3).

40 - محمد بن يعقوب قال: حدثنا أبوعلى الاشعري، عن محمد بن حسان، عن محمد بن على، عن عبدالله بن القاسم، عن المفضل بن عمر، عن أبى عبدالله(عليه السلام) " أنه سئل عن قول الله عزوجل: " فإذا نقر في الناقور"(4) قال: إن منا إماما مستترا فإذا أراد الله عز ذكره إظهار أمره نكت في قلبه نكتة فظهر فقام بأمر الله عزوجل "(5).

___________________________________

(1) قال العلامة الملجسى - رحمه الله -: الفترة بين الرسولين هى الزمان الذى انقطعت فيه الرسالة واختفى فيه الاوصياء، والمراد بفترة من الائمة خفاؤهم وعدم ظهورهم في مدة طويلة أو عدم امام قادر قاهر، فتشمل أزمنة سائر الائمة سوى أميرالمؤمنين عليهم السلام، والاول أظهر.أقول: ليس في الكافى قوله " يأتى ".

(2) في بعض النسخ " أبى الحسن الرضا عليه السلام ".

(3) قوله " إذا رفع علمكم " بالتحريك أى امامكم الهادى لكم إلى طريق الحق، وربما يقرء - بالكسر - أى صاحب علمكم، أو أهل العلم باعتبار خفاء الامام فان أكثر الخلق في ذلك الزمان في الضلالة والجهالة، والاول أظهر، وتوقع الفرج من تحت الاقدام كناية عن قربه وتيسر حصوله، فان من كان شئ تحت قدميه اذا رفعهما وجده، فالمعنى أنه لابد أن تكونوا متوقعين للفرج كذلك وان كان بعيدا، أو يكون المراد بالفرج احدى الحسنيين.(المرآة).

(4) المدثر: 8.

(5) الناقور فاعول من النقر بمعنى التصويت وأصله القرع الذى هو سبب الصوت أى اذا نفخ في الصور.

وقال العلامة المجلسى: شبه قلب الامام عليهالسلام بالصور وما يلقى وينكت فيه بالالهام من الله تعالى بالنفخ، ففى الكلام استعارة مكنية وتخييلية، والنكت: التأثير في الارض بعود وشبهه، و " نكتة " مفعول مطلق للنوع.

(*)

[188]

41 - حدثنا محمد بن يعقوب قال: حدثنا عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد عن الحسن بن على الوشاء، عن علي بن أبي حمزة، عن [أبى بصير] عن أبى عبدالله(عليه السلام) أنه قال: لابد لصاحب هذا الامر من غيبة ولا بد له في غيبته من عزلة، و نعم المنزل طيبة(1)، وما بثلاثين من وحشة ".

42 - وأخبرنا محمد بن يعقوب، عن عدة من رجاله، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أبى أيوب الخزاز، عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا عبدالله(عليه السلام) يقول: " إن بلغكم عن صاحبكم غيبة فلا تنكروها "(2).

حدثنا محمد بن يعقوب قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن أبي عمير، عن أبى أيوب الخزاز، عن محمد بن مسلم مثله.

43 - حدثنا علي بن الحسين المسعودي(3) قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا محمد بن حسان الرازي، عن محمد بن على الكوفي، عن الحسن بن محبوب، عن عبدالله بن جبلة، عن علي بن أبى حمزة، عن أبي عبدالله(عليه السلام) أنه قال: " لو قد قام القائم لانكره الناس لانه يرجع إليهم شابا موفقا(4)، لا يثبت عليه إلا

___________________________________

(1) العزلة - بالضم - الاعتزال، أى المفارقة عن الخلق.

وطيبة - بالكسر -: اسم للمدينة الطيبة، فيدل على أنه غالبا في المدينة وحواليها اما دائما أو في الغيبة الصغرى، وما قيل من أن الطيبة اسم موضع يسكنه عليه السلام مع أصحابه سوى المدينة فهو رجم بالغيب، ويؤيد الاول ما في الكافى عن أبى هاشم الجعفرى في حديث " قال: قلت لابى محمد عليه السلام: فان حدث بك حدث فأين أسأل عنه؟ قال بالمدينة "، وقوله: " ما بثلاثين من وحشة " أى هو عليه السلام مع ثلاثين من مواليه وخواصه، وليس لهم وحشة لاستيناس بعضهم ببعض، والباء بمعنى مع.ثم قال العلامة المجلسى: قيل هذا مخصوص بالغيبة الصغرى.وفى غيبة الشيخ " لابد في عزلته من قوة ".

(2) " عن " متعلق بغيبة بتضمين معنى الخبر، والظاهر تعلقه بالفعل لكن بتضمين أو بتقدير مضاف، أى خبر غيبته.

(المرآة).

(3) " المسعودى " زائد من النساخ.

(4) الموفق - بفتح الفاء -: الرشيد، وبكسرها - بمعنى القاضى.وقال العلامة المجلسى - رحمه الله -: لعل المراد بالموفق المتوافق الاعضاء المعتدل الخلق، أو هو كناية عن التوسط في الشباب بل انتهائه، أى ليس في بدء الشباب، فان في مثل هذا السن يوفق الانسان لتحصيل الكمال.

 

[189]

من قد أخذ الله ميثاقه في الذر الاول ".

وفي غير هذه الرواية أنه قال(عليه السلام): " وإن من أعظم البلية أن يخرج إليهم صاحبهم شابا وهم يحسبونه شيخا كبيرا ".

44 - محمد بن همام قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك، قال: حدثني عمر بن طرخان، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن علي بن عمر بن علي بن الحسين(عليهما السلام) عن أبي عبدالله جعفر بن محمد(عليهما السلام) أنه قال: " القائم من ولدي يعمر عمر الخليل عشرين ومائة سنة يدرى به، ثم يغيب غيبة في الدهر، ويظهر في صورة شاب موفق ابن اثنين وثلاثين سنة، حتى ترجع عنه طائفة من الناس، يملا الارض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما وجورا "(1).

___________________________________

(1) كأن في الخبر تقديما وتأخيرا من قبل الراوى أو الكاتب والاصل فيه هكذا " القائم من ولدى يعمر عمر الخليل عشرين ومائة سنة يدرى به، ثم يغيب غيبة في الدهر حتى يرجع عند طائفة من الناس ويظهر في صورة شاب موفق ابن اثنى وثلاثين سنة، يملا الارض قسطا - الخ ".

ومعناه أن الناس، بعد ما مضى من عمره الشريف عشرون ومائة سنة يشكون في أمره ويرجع بعضهم عنه، والعمر الطبيعى عند الناس مائة وعشرون سنة، وفى هذه المدة ينتظرونه فاذا انقضت المدة يرتابون فيه، وتصرف الرواة أو النساخ في ألفاظ أمثال هذه الاخبار ليس بقليل كما أن الشيخ روى هذا الخبر عن محمد بن همام بسند المتن لكنه هكذا " ان ولى الله يعمر عمر ابراهيم الخليل عشرين ومائة سنة ويظهر في صورة فتى موفق ابن ثلاثين سنة " بدون ذكر باقى الخبر، واختلاف لفظهما بل مفهومهما واضح مع أن السند متحد.ثم قوله: " يدرى به " كأن معناه: لا ينسى ذكره.

هذا وقد نقل العلامة المجلسى(ره) الخبر عن غيبة الشيخ في البحار وقال روى النعمانى مثله، وزاد في آخره " حتى ترجع عنه طائفة - وذكر إلى آخر الحديث " ثم قال: لعل المراد عمره في ملكه وسلطنته، أو هو مما بدا لله فيه.

انتهى.وهو كما ترى.

(*)

[190]

إن في قول أبي عبدالله(عليه السلام) هذا لمعتبرا ومزد جرا عن العمى، والشك و الارتياب وتنبيها للساهي الغافل، ودلالة للمتلدد الحيران.

أليس فيما قد ذكر و ابين من مقدار العمر والحال التى يظهر القائم(عليه السلام) عليها عند ظهوره بصورة الفتى والشاب ما فيه كفاية لا ولي الالباب؟ وما ينبغي لعاقل ذي بصيرة أن يطول عليه الامد، وأن يستعجل أمر الله قبل أوانه وحضور أيامه بلا تغيير، ولذكرا للوقت الذي ذكر أنه يظهر فيه مع انقضائه فان قولهم(عليهم السلام) الذي يروي عنهم في الوقت إنما هو على جهة التسكين للشيعة(1) والتقريب للامر عليها إذ كانوا قد قالوا: إنا لا نوقت، ومن روى لكم عنا توقيتا فلا تصد قوه ولا تهابوا أن تكذبوه، ولا تعملوا عليه، وإنما شأن المؤمنين أن يدينوا الله بالتسليم لكل ما يأتي عن الائمة(عليهم السلام)، وكانوا أعلم بما قالوا.

لان من سلم لامرهم وتيقن أنه الحق سعد به، وسلم له دينه، ومن عارض وشك وناقض واقترح على الله تعالى، واختار، منع اقتراحه، وعدم اختياره ولم يعط مراده وهوه، ولم يرما يحبه(2)، وحصل على الحيرة والضلال والشك والتبلد، والتلدد(3) والتنقل من مذهب إلى مذهب، ومن مقالة إلى اخرى، وكان عاقبة أمره خسرا.

وإن إماما هذه منزلته من الله عزوجل - وبه ينتقم لنفسه ودينه وأوليائه وينجز لرسوله ما وعده من إظهار دينه على الدين كله ولو كره المشركون حتى لا يكون في الارض كلها إلا دينه الخالص به وعلى يديه - لحقيق(4) بأن لا يدعي

___________________________________

(1) ما قاله المؤلف في توجيه الخبر غير وجيه، وليس في الخبر تعيين الوقت منجزا حتى يحتاج إلى هذا التوجيه لئلا يعارض أخبار عدم التوقيت، والوجه فيه ما تقدم منا والا فلا نعلم المراد منه ونرد علمه إلى قائله صلوات الله عليه، ولا نحوم حول الفضول.

(2) في بعض النسخ " ولم ير صاحبه ".

(3) التبلد: عجز الرأى وضعف الهمة، وفى بعض النسخ " التبار " وهو الهلاك.و التلدد: التحير.

(4) " لحقيق " خبر " ان " ومعناه لجدير.

(*)

[191]

أهل الجهل محله ومنزلته، وألا يغوي أحد من الناس نفسه بادعاء هذه المنزلة لسواه، ولا يهلكها بالايتمام بغيره، فإنه إنما يوردها للهلكة ويصليها النار، نعوذ بالله منها، ونسأله الاجارة من عذابها برحمته.

45 - حدثنا علي بن الحسين قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا محمد بن حسان الرازي، قال: حدثنا محمد بن علي الكوفي، عن إبراهيم بن هاشم(1)، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبي عبدالله(عليه السلام) أنه قال: " يقوم القائم وليس في عنقه بيعة لاحد ".

46 - حدثنا محمد بن يعقوب قال: حدثنا محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبدالله(عليه السلام) أنه قال: يقوم القائم وليس لاحد في عنقه عقد ولا عهد ولا بيعة "(2).

(فصل) ومما يؤكد أمر الغيبة ويشهد بحقيتها وكونها، وبحال الحيرة التى تكون للناس فيها وأنها فتنة لا بد من كونها ولن ينجو منها إلا الثابت على شدتها ما روي عن أمير المؤمنين(عليه السلام) فيها وهوما:

1 - حدثنا به علي بن الحسين قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا محمد بن حسان الرازي، عن محمد بن علي الكوفي، عن محمد بن سنان، عن أبى الجارود، عن مزاحم العبدي، عن عكرمة بن صعصعة، عن أبيه قال: كان علي(عليه السلام) يقول: " لا تنفك هذه الشيعة حتى تكون بمنزلة المعز لا يدرى الخابس(3) على

___________________________________

(1) رواية أبى سمينة عن ابراهيم بن هاشم غريب، ولم أعثر عليه الا في مورد آخر.

(2) تقدم الخبر بهذا السند ص 171 تحت رقم 4.

(3) في القاموس: خبس الشئ بكفه: أخذه، وفلانا حقه: ظلمه وغشمه، والخبوس: الظلوم، واختبسه: أخذه مغالبة، وماله: ذهب به، والمختبس: الاسد كالخابس.

وفي بعض النسخ هنا وفيما يأتي " الجاس " وهو من جسه بيده أى مسه.

(*)

[192]

أيها يضع يده(1) فليس لهم شرف يشرفونه، ولاسناد يستندون إليه في امورهم "(2).

2 - وأخبرنا علي بن الحسين بإسناده، عن محمد بن سنان، عن أبى الجارود، قال: حدثنا أبوبدر، عن عليم، عن سلمان الفارسي - رحمه الله تعالى - أنه قال: " لا ينفك المؤمنون حتى يكونوا كمواة المعز(3)، لا يدري الخابس على أيها يضع يده، ليس فيهم شرف يشرفونه ولاسناد يسندون إليه أمرهم ".

3 - وبه عن أبى الجارود، عن عبدالله الشاعر - يعنى ابن عقبة(4) - قال: سمعت عليا(عليه السلام) يقول: " كأنى بكم تجولون جولان الابل تبتغون مرعي، ولا تجدونها يا معشر الشيعة ".

4 - وبه عن ابن سنان، عن يحيى بن المثنى [العطار]، عن عبدالله بن -

___________________________________

(1) يعنى حتى يكونوا في الذلة والصغار كالمعز، لايدرى الظالم أيهم يظلم، كقصاب يتعرض لقطيع غنم لا يدرى أيها يأخذ للذبح، أو كالذئب يتعرض لقطيع المعز لايدرى أيها يفترس.

(2) الشرف المكان العالى أى ليس لهم مأوى ومعقل يشرفونه ويلتجئون اليه للاحتراز عن سيول الفتن والحوادث، أو الشرف بمعنى العلوبين الناس فالمعنى ليس لهم شرف يتشرفون بسببه فيدفع عنهم الاذى والقتل.

وفى بعض نسخ الحديث " ليس لهم شرف ترقونه " فهو بالمعنى الاول أنسب.

والسناد - بالكسر -: ما يستند اليه في الامور، والجملتان الاخيرتان كالتفسير لوجه التشبيه.

(3) أى حتى يكونوا بمنزلة المعز الميت، والمعز جنس واحدها: ماعز.وفى حديث " كالمعزى المواة التى لا يبالى الخابس أين يضع يده ".وفى روضة الكافى روى نحو الحديث الاول وفيه " كالمعزى المواة " وفى ذيله: سأل أحمد بن محمد راوى الحديث عن شيخه على بن الحكم: " ما المواة من المعز؟ قال: التى قد استوت لا يفضل بعضها على بعض " وقال العلامة المجلسى: لعل الراوى بين حاصل المعنى أى التشبيه بالميت انما هو في أنه لا يتحرك ولا يتأثر اذا وضعت يدك على أى جزء منه.ويحتمل على تفسيره أن يكون التشبيه لمجموع الشيعة بقطيع معز ضعفاء أو بمعز ميت، فالمراد أن يكون كلهم متساوين في الضعف والعجز.

(4) في بعض النسخ " يعنى ابن أبى عقب ".

(*)

[193]

بكير ; ورواه الحكم(1) عن أبي جعفر(عليه السلام) أنه قال: " كيف بكم إذا صعدتم فلم تجدوا أحدا، ورجعتم فلم تجدوا أحدا ".

5 - حدثنا عبدالواحد بن عبدالله قال: حدثنا محمد بن جعفر القرشي، قال: حدثني محمد بن الحسين بن أبي الخطاب قال: حدثني محمد بن سنان، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر(عليه السلام) أنه سمعه يقول: " لا تزالون تنتظرون حتى تكونوا كالمعز المهولة التي لا يبالي الجازر(2) أين يضع يده منها، ليس لكم شرف تشرفونه، ولا سند تسندون إليه أموركم ".

هل هذه الاحاديث - رحمكم الله - إلا دالة على غيبة صاحب الحق، وهو الشرف الذي يشرفه الشيعة، ثم على غيبة السبب(3) الذي كان منصوبا له(عليه السلام) بينه وبين شيعته وهو السناد الذي كانوا يسندون إليه أمورهم فيرفعها إلى إمامهم في حال غيبته(عليه السلام) والذي هو شرفهم، فصاروا عند رفعه كمواة المعز، وقد كان لهم في الوسائط بلاغ وهدى ومسكة للرماق(4) حتى أجرى الله تدبيره وأمضى مقاديره برفع الاسباب مع غيبة الامام في هذا الزمان الذى نحن فيه لتمحص من يمحص، وهلكة من يهلك، ونجاة من ينجو بالثبات على الحق، ونفي الريب والشك، والايقان بما ورد عن الائمة(عليهم السلام) من أنه لا بد من كون هذه الغمة، ثم انكشافها عند مشيئة الله، لاعند مشيئة خلقه واقتراحهم، جعلنا الله وإياكم يا معشر الشيعة المؤمنين المتمسكين بحبله المنتمين إلى أمره، ممن ينجو من فتنة الغيبة التى يهلك فيها من اختار لنفسه، ولم يرض باختيار ربه، واستعجل تدبير الله [سبحانه] ولم يصبر كما امر، وأعاذنا الله وإياكم من الضلالة بعد الهدى إنه ولي قدير

هذا آخر ما حضرني من الروايات في الغيبة، وهو يسير من كثير مما رواه الناس وحملوه، والله ولى التوفيق.

___________________________________

(1) كذا ولعل الصواب " رفعه إلى أبى جعفر عليه السلام ".

(2) المهولة أى المفزعة المخوفة فانه أقل امتناعا، والجازر: القصاب.

(3) اى أولا دالة على غيبة صاحب الحق ثم على غيبة السبب الذى بينه وبين الشيعة يعنى غيبة السفراء.

(4) كذا في نسخة، وفى بعضها " الارماق " وفى بعضها " لارماق ".

(*)

 

العودة للصفحة الرئيسية